شرح دعاي كميل - صفحه 209

السلوك وأوّل الأمر وابتداء الدعاء ليس بذلك البعيد، بل هو إلى الطبيعة البشرية قريبٌ، بل لابدّ منه ولا مفرّ عنه.
وبالسؤال يُؤمي إلى غاية التواضع والتذلّل والتبتّل وعدم الخروج عن قدره وحدّه وطوره، وبما بعده يؤذن إلى الوسيلة والسبب بينه وبين ربّه.
ثمّ اعلم أنّ اسم «اللّه » اسم للذات الأقدس في مرتبة الأحديّة، وهو اسم له تعالى في مرتبة الهويّة المطلقة الغيبيّة، وهو أعظم أسمائه الحُسنى. ومن أسرار هذا الاسم الشريف أنّه ما من ذي حياةٍ إلاّ وأصل هذا الأسم في الظهور الأوّل يكون جاريا على نفسه، وبه تروح روحه ؛ هذا .
ولكون هذا الاسم المبارك بهذه الدرجة من العظمة كرّر في القرآن المجيد إلى ألفين وثمان مائة و ثمان مرّة، فاعرف ذلك واضبطه إن شاء اللّه تعالى.
والسؤال هو طلب الأدنى من الأعلى، وإذا اقترن بالتضرّع والابتهال يسمّى دعاءً، كما مرّ إليه الإشارة ؛ ويكون بالقول والفعل، ويستدعي جوابا إمّا باللسان وإمّا باليد. ويقارنه بل يلزمه الذلّ والمهانة.
ولهذا يكون مذموما إذا كان من المخلوق ومتوجّها إلى غير اللّه سبحانه، بل يعدّ من الكبائر؛ بل على حدّ الشرك باللّه ؛ لأنّ اللّه لا يرضى للمؤمن الذلّ والاستكانة،كما لا يرضاه لنفسه حيث أشركه مع نفسه في العزّة بقوله العزيز: «وَ لِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ»۱.
وورد في الخبر: «إنّ كلّ ذنب يرتكبه المؤمن لعلّ اللّه يغفر له إلاّ السؤال عن الخلق فلا يغفر له أبدا» ۲ ونحوه أخبارا آخر.

1.المنافقون (۶۳): ۸ .

2.لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة لدينا .

صفحه از 264