شرح دعاي كميل - صفحه 212

ومِن رحمته الواسعة ستر العيوب التي لو علم بها أبواك لفارقاك، ولو علم بها امرأتك لجفتك، ولو علم بها جارك لأقدم بها على تخريب دارك.
ثُمّ إنّ الذي عليه الحقّ والحقيقة . آخذا من أخبار أهل بيت النبوّة وآثار مواضع الرسالة . : إنّ حقيقة الرحمة . بكلا المعنيين . هي الحقيقة المحمّديّة والدوحة الأحمديّة. وكفى فيه قوله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»۱ . والجمع المحلّى باللام يفيد العموم، فمساقه مساق ربّ العالمين . والمفهوم من قوله تعالى: «مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدا»۲ أنّه تعالى اتّخذ الهادين أعضادا وأشهادا لخلقه؛ والمراد بالعضد الواسطة والشفيع.
وفي الزيارة الجامعة المأثورة: «أنتم الرحمة الموصولة» ۳ . باللّه تعالى شأنه وتقدّست أسماؤه . فمحمد صلى الله عليه و آله وآل محمّد عليهم السلام هم الرحمة الموصولة الواسعة الجامعة بين الخالق والمخلوق، في إيصال نور الوجود و ضوء الفعليّة إلى الماهيّات والموادّ الإمكانية، ولولاهم لبقيت الكلّ في ظلمة العدم وغسق البطلان، ولَما خلق الأفلاك، ولَما نزل الخيرات والبركات، ومن هذه السعة في الرحمة يقول ويستصرخ يوم القيامة: «وا أمّتي» والناس كلّهم يستصرخون : «وا نفسي» ۴ . والنبيّ والوليّ هما للّه تعالى اليدان المبسوطتان اللّتان ينفق بهما كيف يشاء.
فعلى هذا، الرحمة بمعنى المرحوم، وإضافته إلى اللّه تعالى لاختصاصه به تعالى بمظهريّته له وكونِه مرآةً لجماله وجلاله، وأنّ من رآه فقد رأى الحق،

1.الأنبياء (۲۱) : ۱۰۷ .

2.الكهف (۱۸) : ۵۱ .

3.الفقيه ۲ : ۳۷۲، زيارة جامعة لجميع الأئمة .

4.لم نعثر على نصه، و الموجود في سنن الترمذي ۴ : ۶۲۲ باب ۱۰ «إنّ الأنبياء كلّهم يوم القيامة يقولون : نفسي نفسي، و النبي صلى الله عليه و آله يقول : أمّتي أمّتي» .

صفحه از 264