شرح دعاي كميل - صفحه 213

و وُسعته لكلّ شيء باعتبار إحاطته وجامعيّته لكلّ كمالٍ وجمال وجلال، وأنّه النور الأعظم والاسم المكنون الأعزّ الأجلّ الأكرم الذي يحبّه اللّه ويهواه، وبه يستجيب دعاء من دعاه.
(وَبِقُوَّتِكَ) إلى قوله (عَلَى كُلِّ شَيْءٍ) القوّة: القدرة، والقويّ: الغالب الذي لا يستولي عليه العجز والضعف في حالٍ من الأحوال، والجبر: الغلبة، والجبّار : العالي فوق خلقه، أو المتكبر المتسلّط.
هذه الفقرات الشريفة كلّها من وادٍ واحد، يشير إلى معنى، فأراد هو عموم قدرته وقوّته وشمولَ قهره وسلطنته وإحاطةَ هيمنته وجبروته لكلّ موجود على حدٍّ سواءٍ ؛ فإنّ علّة المقهوريّة والخضوع والذلّة والديانة والمسكنة . وهي الإمكان . مشتركة بين تمام الأشياء، ونسبته تعالى إلى الكلّ سواء. وكيف لا يكون هو تعالى قاهرا غالبا وما سواه مغلوبا مقهورا، والممكن ليسٌ محض، والواجب أيسٌ صرف.
وهاهنا نكتة أحبّ أن أنبّه فانتبه واستمع.
اعلم أنّ لِما سوى اللّه تعالى من مخلوقاته ومكوّناته ثلاث جهات: جهة صدورها منه تعالى وانتسابها إليه وارتباطها به، وجهة ذواتها وكينونتها، وجهة إضافتها في أنفسها ونسبة بعضها إلى بعض، ونسبة تكوّنها في قرونها وأدوارها وعوالمها ونشأتها.
وكلّ موجود من الجهة الأولى وماهو مظهر ومجلى لربّه الأعلى عظيم معظّمٌ كريم مكرّم ؛ فإنّ الفحم إذا امتلى من النار يصير نارا، والجسم بالرطوبة يصير رطبا وباليبوسة يصير يابسا، وإلى هذا أشار صلوات اللّه عليه: (بِعَظَمَتِكَ الَّتِي مَلأَتْ كُلَّ شَيْءٍ) وامتلئت بها وعاء كلّ موجود . و ورد في دعاء السحر: «اللّهمّ إنّي أسألك من بهائك بأبهاه وكلّ بهائك بهي ... إلى آخره»، إذ كلّ شيء بهاؤه و كلّ بهائه بهيّ،

صفحه از 264