شرح دعاي كميل - صفحه 216

يؤتى منه ويواجه اللّه عباده ويخاطبهم بواسطة ۱ وفي الجامعة المأثورة: «من وحّده قبل عنكم،ومن قصده توّجه بكم» ۲ .
وقد يرجع الضمير في قوله تعالى: «كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ»۳ إلى الشيء، فيكون معناه أنّ وجه الشيء لايهلك، وهو ما يقابل منه إلى اللّه وهو روحه وحقيقته وملكوته ومحلّ معرفة اللّه منه التي يبقى بعد فناء جسمه وشخصه. والمعنَيان متقاربان مأخوذان من أخبار معادن علم اللّه وآثار خزائن حكمة اللّه .
وصدر الحكماء زاد على هذه الجملة وقال ما حاصله:
إنّ كلّ ما هو من صقع الربوبيّة وناحية عالم الأمر وكان بريئا من الشرّ والنقص وكاملاً بالفعل كالمجرّدات المحضة وما يقارنها، فهو باقٍ ببقاء اللّه تعالى وجوبا لا بإبقاء اللّه ؛ إذ ليس فيه إمكان العدم فإنّ إمكان المقارنات الصرفة فرضي غير ثابت لها في الواقع؛ إذ ليست لها ماهيّة يعرضها الوجود، بل ماهيّاتها مندكّة في الوجود، فهي صرف الوجود ومحض الخير لا يتطرّق إليها الشرّ والعدم، وكلّ ما هو من صقع الإمكان والماهيّة وناحية عالم الخلق فهو فانٍ هالكٌ، كالعالم الجسماني بجميع مادّته وصورته وطبايعه ونفوسه، أرضيّةً كانت أو سماوّية، ناطقةً كانت أو صامتة، مع لواحقها وتوابعها وماهيّاتها وكمّيّاتها وكيفيّاتها وأوضاعها ونسبها؛ فإنّها كلّها دائرة حادثة كائنة فاسدة متجدّدة متصرّمة؛ انتهى.
وهذا الذي ذكره هذا الحكيم الفحل واعتقد أنّه القول الجزل قد كرّر القول في كتبه. وعلى هذه المقالة جُلّ هذه الطائفة، ونقلوها عن قدماء الفلاسفة. ولا يخفى مخالفتها للشريعة الطاهرة ومباينتها للملّة القاهرة. وهذه جرأة عظيمة! وليست

1.الوافي ۱ : ۴۱۷، ذيل الحديث ۳۴۳ . ۱۰ .

2.الفقيه ۲ : ۳۷۳ زيارة جامعة لجميع الأئمة .

3.القصص (۲۸) : ۸۸ .

صفحه از 264