شرح دعاي كميل - صفحه 219

بقي الإشكال فيما ورد في الآثار والأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام : من أنّه تعالى عالم بما كان قبل أن يكون، وعالم إذ لا معلوم ۱ .
ودفعه وحلّه بأن نقول على ما في الوافي: صفات اللّه الجماليّة الذاتيّة . ونعني بها ما يكون كمالاً في نفسه وعلى الإطلاق ويكون ضدّه نقصا . على قسمين: قسمٌ لا إضافة فيه إلى غيره جلّ ذكره أصلاً، بل له وجهٌ واحد كالحياة والبقاء، وقسمٌ له إضافةٌ إلى غيره كالعلم والقدرة والسمع والبصر؛ فإنّها عبارة عن انكشاف الأشياء في الأزل كليّاتها وجزئيّاتها، كلٌّ في وقته وبحسب مرتبته وعلى ما هو عليه فيما لا يزال، مع حصول الأوقات والمراتب له سبحانه في الأزل مجتمعة، وإن لم يحصل بعدُ لأنفسها وبقياس بعضها إلى بعض متفرّقة مفصّلة؛ وهذا الانكشاف . بمعنى أنّ ذاته تعالى بحيث إذا وجد شيء انكشف له ولا يخفى منه . حاصل له بذاته من ذاته قبل خلق الأشياء، بل هو عين ذاته وإن تأخّرت إضافتها إلى الأشياء على حسب تأخّرها وتفرّقها في أنفسهاـ بمعنى أنّه لمّا أحدث الأشياء وكان المعلوم . وقع العلم منه على المعلوم والسمع على المسموع والبصر على المبصر والقدرة على المقدور؛ فالقديم هو أصل العلم ، والحادث هو الارتباط والإضافة ۲ . ولعلّ مراد الشيخ الجليل الإحساوي من قوله: «للّه تعالى علمان: قديمٌ وحادث» ومراد الحكماء من قولهم: «إنّ للّه علما إجماليّا وعلما تفصيليّا وعنائيا وفعليّا» هو هذا المعنى اللطيف.
ثمّ اعلم أنّ العلم ونحوه من صفات الذات عين ذاته تعالى، بمعنى أنّ ذاته تعالى علمٌ كلّه، قدرةٌ كلّه، حياة كلّه، وأنّه يترتّب على ذاته الأحديّة البحت آثار جميع الكمالات من غير افتقار إلى معانٍ أخر، قائمة به تسمّى صفات، تكون

1.انظر الكافي ۱ / ۱۰۷ باب صفات الذات .

2.الوافي ۱ : ۴۴۶ ، ذيل الحديث ۳۶۱ . ۱ .

صفحه از 264