شرح دعاي كميل - صفحه 220

مصدرا للآثار، كما في المخلوقات. وهذه المفاهيم والاعتبار العقليّة لا يوجب تكثّرا في الذات، ولا انحلّ بوحدانيّة الصرفة الخالصة أصلاً، بل تزيد وحدة، وهذا هو معنى قول سيّد العارفين والموحدين : «كمال الإخلاص نفي الصفات عنه» ۱ .
وما قد يقال: إنّ العالِم ذاتٌ ثَبَت له العلم وكذا ساير المشتقّات، فهو كلام ظاهريّ وجمودٌ على اللفظ، وخروج عن طور المعرفة.
ولو سلّم فنقول: ثبوت المبدأ في المشتقّ أعمّ من كونه عين المثبت له أو غيره، والأوّل يسمّى الحقيقيّ والثاني المشهوديّ كالأبيض، فإنّ الأبيض الحقيقيّ هو البياض نفسه، والمشهوديّ ذاتٌ ثبت له البياض وهو غيره؛ فافهم واستقم.
ولو قلنا: بأنّ المراد من العلم المحيط . المذكور في هذه الفقرة الشريفة . هو العقل والروح المحمدي، الذي فيه صورة كلّ شيء ومثال كلّ موجود، لم يكن بذلك البعيد بحكم الازدواج؛ فتأمّل.
(وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضَاءَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ).
النور والضوء مترادفان، ويعرّفان : بالظاهر بنفسه المظهِر لغيره؛ والفرق بينهما بأنّ الضوء ذاتيّ والنّور عرضي، لقوله تعالى: «جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَ الْقَمَرَ نُورا»۲ غير مطّرد.
والمراد بالنور هنا هو العيني الوجودي لا العرضيّ الكيفيّ، فإنّ التعريف المذكور حقٌ للوجود الحقيقيّ إذ هو النور المشرق على المواد الظلمانيّة، والضوء المتبلّج على الهيئات الغيهابيّة ۳ من النور الأوّل المحمّدي صلى الله عليه و آله والضوء الأقدم الأحمديّ، فخرج الكلّ من الظلمة إلى النور، وصار الكلّ ذا ضوءٍ وظهورٍ، تطفّلاً

1.نهج البلاغة ، خ ۱ . قال : «و كمال توحيده الإخلاص له ، و كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه» .

2.يونس (۱۰ ) : ۵ .

3.الغَيْهَبْ : الظلمة، ومن الليل: الشديد الظلمة .

صفحه از 264