شرح دعاي كميل - صفحه 221

لنوره الأعظم وتذلّلاً لوجوده الأكرم.
ولست أقول: هو صلى الله عليه و آله أوجَدَ الأشياء وخلقها كما يقوله بعض أهل المعرفة، مستندا إلى ظاهر ما ورد عنهم: «نحن صنائع اللّه والخلق بعد لنا صنائع» ۱ وأشباهه ، وإن كان لو قلت هذا لما كان بذلك النكير وما أوجب عليّ التكفير؛ فإنّ القمر المنير في الليل المقمِر يستند إليه ضوء الهواء و خليقة الكتّان وريثته وظهور الأشياء وبروزها، فيقال: أنار القمر الهواء، وأخلق الكتّان، وأظهر الأشياء، مع أنّه عند التحقيق جرمٌ كَمِدٌ له صقالة لا ضوء له في حدّ نفسه، وإنّما يفيض إليه الضوء ويستنير من الشمس المضيئة بالذات عند مقابلته ومواجهته لها، وينعكس منه الضوء إلى الأرض وما فيها، كما ينعكس من المرآة المواجهة للشمس المستضيئة منها الضوء والشعاع إلى جوف البيت المظلِم فيستضيء البيت ويظهر مافيه، وعند التحقيق الضوء والشعاع من الشمس لا غير.
لكنّي أقصر النظر على التحقيق وأقول: لا مؤثر في الوجود ولا موجد إلاّ اللّه جلّ شأنه، ولا قوّة إلاّ باللّه ، وإنّ شأن النور الأوّل والروح الأعظم هو ما قال اللّه تعالى في حقّه: «يا ابن آدم خلقتك لأجلي، وخلقت الأشياء لأجلك، ولولاك لما خلقت» ۲ وذلك لما قدثبت أنّ نور محمّد صلى الله عليه و آله وعترته أشرف ما في الوجود،وثبت أنّ اللّه جعل كلّ ما هو أشرف وأعلى سببا كماليّا وعلّة غائيّة لما هو أحسنُ وأوفى، فخلق الأرض للنبات والنبات للحيوان والحيوان للإنسان والإنسان لسلطان العالم وسلطان العالم لذاته الأقدس جلّ شأنه، فالنور الأقدم الأحمدي مركز دائرة الوجود وقطب فلك الظهور، وعاكسٌ للكلّ، والكلّ عكوسٌ له، فسكّان الجبروت بعلومهم وعصمتهم وطهارتهم عكوسٌ له صلى الله عليه و آله بعلمه وعصمته وطهارته، وقطّان الملكوت بقدرتهم عكوس له صلى الله عليه و آله بقدرته . فإنّه يدُ اللّه ، وحرّاس السماوات ونيّراتها

1.نهج البلاغة ، الكتاب ۲۸ ، احتجاجه عليه السلام على معاوية ؛ بحار الأنوار ۳۳ / ۵۸ ،/ ۳۹۸ و ۵۳ / ۱۷۸ / ۹ .

2.لم يوجد بنصّه في المصادر .

صفحه از 264