ثمّ خلق اللّه من نور محمّد صلى الله عليه و آله الجنّة وزيّنها بأربعة أشياء: التعظيم والجلال والسخاء والأمانة، وجعلها لأوليائه وأهل طاعته. ثمّ نظر إلى باقي الجوهر بعين الهيبة فذابت، فخلق من دخانها السماوات ومن زبدها الأرَضين، فلمّا خلق اللّه تبارَك وتعالى الأرض صارت تموج بأهلها كالسفينة، فخلق اللّه الجبال فأرساها بها، ثمّ خلق ملكا من أعظم ما يكون في القوّة، فدخل تحت العرش، ثمّ لم يكن لقدمي الملك قرار فخلق اللّه صخرة عظيمة وجعلها تحت قدمي الملك، ثمّ لم يكن للصخرة قرارٌ فخلق لها ثورا عظيما لم يقدر أحدٌ أن ينظر إليه لعظم خلقه وبريق عيونه، حتّى لو وضعت البحار كلّها في إحدى منخريه ما كانت إلاّ كخردلة ملقاة في أرضٍ فلاةٍ، فدخل الثور تحت الصخرة، وحملها على ظهره وقرونه، واسم ذلك الثور «لهوتا»، ثمّ لم يكن لذلك الثور قرار فخلق اللّه تعالى حوتا عظيما، واسم ذلك الحوت «بهموت» فدخل الحوت تحت قدمي الثور، فاستقرّ الثور على ظهر الحوت، فالأرض كلّها على كاهل الملك والملك على الصخرة والصخرة على الثور والثور على الحوت والحوت على الماء والماء على الهواء والهواء على الظلمة، ثمّ انقطع علم الخلائق عمّا تحت الظلمة.
ثم خلق اللّه تعالى العرش من ضيائين: أحدهما الفضل، والثاني العدل، ثمّ أمر الضيائين فانتفسا بِنَفَسَين، فخلق منهما أربعة أشياء: العقل والحلم والعلم والسخاء، ثمّ خلق من العقل الخوف، ومن الحلم المودّة، ومن العلم الرضى، ومن السخاء المحبّة، ثمّ عجّن هذه الأشياء في طينة محمّد صلى الله عليه و آله ، ثمّ خلق من بعدهم أرواح المؤمنين من أمّة محمّد صلى الله عليه و آله ، ثمّ خلق الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والضياء والظلام وسائر الملائكة من نور محمّد صلى الله عليه و آله ، فلمّا تكاملت الأنوار سكن نور محمّد صلى الله عليه و آله تحت العرش ثلاثة وسبعين ألف عام، ثمّ انتقل نوره إلى الجنّة فبقي سبعين ألف عام، ثمّ انتقل إلى سدرة المنتهى فبقي سبعين ألف عام، ثمّ انتقل نوره إلى السماء السابعة، ثمّ إلى السماء السادسة، ثمّ إلى السماء الخامسة، ثمّ إلى السماء