شرح دعاي كميل - صفحه 233

(وَغَلَبَ قَهْرُكَ) على ما سواك فإنّ الكلّ ممكن ليسٌ محض (وَجَرَتْ قُدْرَتُكَ) والكلّ مقدور لك ولو بتوسّط العلل والأسباب .
(وَلاَ يُمْكِنُ الْفِرَارُ مِنْ حُكُومَتِكَ) حكي عن أفلاطون الإلهي أنّه قال: الأفلاك قسيّ، والحوادث سهام، والإنسان هدف، واللّه هو الرامي، فأين المفرّ؟ وقد ذكر هذا القول عند أمير المؤمنين عليه السلام فقال: «ففرّوا إلى اللّه جلّ شأنه» ۱ .
قوله عليه السلام : (اللَّهُمَّ لاَ أَجِدُ) إلى قوله (غَيْرَكَ) إذ لا مؤثّر في الوجود غيرك.
(لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ): لا معبود بالحقّ في دائرة الوجود إلاّ ذاتك المقدّس، بل لا معبود مطلقا إلاّ هو، وجميع ما سواه باطل مضمحلّ، ولمّا أشعر قلبه بعظمته وجلاله وكماله وجماله وبهائه، وعموم فيضه ونواله، وشمول قدرته وسلطانه، كأنّه صار المقام مقام الحيرة والهيمان، فقال عليه السلام : (سُبْحَانَكَ) ما أعظم شأنك وقدرتك وأقدس ساحة جلالك عن كدورة النقص (وَ) الحال أنّي مشغول (بِحَمْدِكَ) أو أنّ تسبيحي مقرون بحمدك.
(ظَلَمْتُ نَفْسِي) الظلم ضدّ العدل أعني ترك ما يجب فعله وفعل ما يجب تركه، وظلم النفس تعريضها للعقاب وجعلُها عرضة للهلاك بمخالفة الشرع والعقل وارتكاب المعاصي واجترام المساوي .
(وَتَجَرَّأْتُ) بمخالفتك ومعصيتك (بِجَهْلِي) بشأنك وعظمتك وغفلتي عمّا يلزم ذلك. وفيه إشارة إلى أنّ من عصى اللّه وخالف أمره ونهيه فهو جاهل به وبصفاته.
(وَسَكَنْتُ) أي التجأت واطمأننت (إِلَى قَدِيمِ ذِكْرِكَ) في عالم علمك السابق وعالم الأمر قبل أن أكون شيئا مذكورا في عالم الخلق. وذِكرُ اللّه للعبد هو التوجّه إليه بالبرّ
والإحسان. (وَمَنِّكَ عَلَيَّ) المنّ والمنّة: النعمة والإحسان والعطاء.
(اللَّهُمَّ مَوْلاَيَ) في ذكر المولى من التلذّذ والتشرّف والمباهات والابتهاج ما لا يخفى.

1.لم نعثر على نصّ العبارة، ولكن في تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ۱ : ۱۴۴. «قال بعض الحكماء: الأيّام سهام ، والناس أغراض ، والدهر يرميك كلّ يوم بسهامه...»

صفحه از 264