(كَمْ مِنْ قَبِيحٍ) صدر منّي (سَتَرْتَهُ) عليّ (وَكَمْ مِنْ فَادِحٍ) أمر مثقل (مِنَ الْبَلاَء) اللازم لي باستيجاب عملي (أَقَلْتَهُ) و رددته ونسخته بمنّك وفضلك.
(وَكَمْ مِنْ عِثَارٍ) أي كبوة وسقطة، مصدر عثر إذا كبا وسقط (وَقَيْتَهُ) منعته من أن ينزل بي (وَكَمْ مِنْ مَكْرُوهٍ) أشرف على الوقوع عليّ (دَفَعْتَهُ) بكرمك.
(وَكَمْ مِنْ ثَنَاءٍ جَمِيلٍ لَسْتُ أَهْلاً لَهُ) مستحقّا له بعملي (وَقَدْ نَشَرْتَهُ) لي فضلاً منك ورحمة، فإنّك المبتدئ بالنعم قبل استحقاقها.
(اللَّهُمَّ عَظُمَ بَلاَئِي) بما أبعدني من رضوانك (وَأَفْرَطَ بِي سُوءُ حَالِي) أي جاوزني عن حدّي سوءحالي،وحدّيالإطاعةُ والعبوديّة (وَقَصُرَتْ بِي أَعْمَالِي) أيحبسني أعمالي القبيحة من الطيران إلى رياض رضوانك وحدائق إحسانك (وَقَعَدَتْ بِي أَغْلاَلِي) أي أقعدني أغلال المعاصي وسلاسل الذنوب من العروج إلى عالم النور (وَحَبَسَنِي عَنْ نَفْعِي بُعْدُ آمَالِي) جمع الأمل وهوالطمع، وأكثرما يستعمل الأمل فيما يستبعد حصوله.
قوله عليه السلام : (وَخَدَعَتْنِي الدُّنْيَا بِغُرُورِهَا) والدنيا دار بالغرور معروفة وبالبلاء محفوفة، وهي الخوّانة المكّارة. والمراد بغرورها زينة الحياة الدنيا وزهرتها من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضّة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث والقصور المشيّدة، ومرجع الكلّ إلى هوى النفس كما قال تعالى: «وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى»۱ ، وكأنّ الهوى مقصور من الهواء ممدودا.
وعن العارف من الدنيا ومطلّق عروسها طلاقا لا رجعة فيها في تمثيل غرور الدنيا: «إنّى كنت بفدك في بعض حيطانها وقد صارت لفاطمة عليهاالسلام ، فإذا أنا بامرأة قد قحمت عليّ وفي يدي مسحاة وأنا أعمل بها، فلمّا نظرت إليها طار قلبي ممّا
تداخلني من جمالها، فشبّهتها بـ «بُثَيْنَة» بنت عامر الجحمي، وكانت من أجمل نساء قريش، فقالت: يابن أبيطالب هل لك أن تتزوّج بي فأغنيتك عن هذه