إلى الانثيين بقوّة جاذبة فيهما، فينضج فيهما بحرارتهما الكامنة نضجا تامّا واعتدل اعتدالاً صالحا، فتدفعه دافعة الرجل بالآلة المعدّة لذلك إلى رحم الأمّ، والرحم حينئذٍ مفتوح الفم جاذب المنيّ، فتستقرّه فيه إمّا في بطن الأيمن فيكون ذكرا، وإمّا في بطن الأيسر فيكون أنثى ، أو فيهما فيكون توأمين، فيمسكه الرحم بماسكته إمساكا أشدّ، ويفعل فيه الحرارة الغريزة الكامنة فيه فعلاً صالحا حسب ما ينبغي، فينضج نضجا تامّا ويتفرّق أجزاؤه المختلفة الطبيعة، وينضمّ كلّ جزءٍ إلى مشابهه، لكنّه لكونه في حشو الرحم ودم الطمث يكون محمّرا فيسمّى علقة حمراء يحدث فيها ثلاث نقاط بيض من صفوة تلك الأجزاء : واحدة في موضع الدماغ ، وأخرى في موضع القلب ، والثالثة في موضع الكبد، ويربط بينها بخطوط بيض رقاق دقاق كالأبريشم، ثم توجد فيه بالعناية الإلهيّة من مادّة تلك الأجزاء الأخلاطيّة الأعضاء السبعة الظاهرة: من الرأس والظهر والبطن واليدين والرجلين، والسبعة الباطنة: من الدماغ والقلب والكبد والرية وأعضاء التناسل والمرارة والطحال، فتؤخذ من تلك الأجزاء لخلق كلٍ من الأجزاء بقدر ما يليق به حسب العناية الربّانيّة، ويحيط بتلك العلقة غشاوة عصبيّة تحفظها من الانتشار، وهذا هو الدور المعدّى والصورة الحاصلة صورةً معدّية جمادية، وذلك في أربعين يوما.
ثمّ إذا اعتدل مزاجه وبلغ المزاج المعدني غاية كماله ، أفاض عليه الفيّاض المطلق الصورة النباتيّة والروح النباتي برؤسائه الثلاثة : من الغاذية والناهية والمؤلّدة، والخوادم الأربع: الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة، والجنود الغير المحصورة ممّا أعدّ اللّه لتدبير التغذية والتنمية والتوليد، ثمّ يفتح له باب التغذّي
ويرد عليه الغذاء من السرّة إلى معدة الجنين، فيأخذ الروح النباتي في فعله شيئا فشيئا حتّى يتكمّل ويصير معتدلاً صافيا، أكمل اعتدال وأشدّ صفاء، فيفيض عليه من الفياض القدس صورة كماليّة أشرف، هي صورة الحيوانيّة بقوّته الإدراكيّة