التامّ الواصل إلى الحقّ فيكون مقصّرا في ذلك. هذا هو الذي اختاره الشهيد طاب ثراه ۱ ؛ فتأمّل.
وأمّا تعيّن زمان التكليف ووجوب تحصيل المعرفة: فاعلم أنّ المتكلّمين حدّدوا وقت التكليف بالمعرفة بالتمكّن من العلم بالمسائل الأصوليّة، وشرطوا في التكليف أن يكون المكلّف قادرا على ما كلّف به، مميّزا بينه وبين غيره، سواءً وافق ذلك تحقّق البلوغ الشرعي بإحدى العلامات المذكورة في الفروع أم لا، بل قد يكون قبل ذلك بسنين أو بعده كذلك بحسب مراتب الإدراك قوّةً وضعفا.
وبعض الفقهاء حدّد وقت التكليف بالمعارف بوقت التكليف بالأعمال وسوّى بينهما،إلاّ أنّه يجب بعد البلوغ المسارعة إلى تحصيل المعارف قبل الإتيان بالأعمال ۲ .
ويرد عليه: أنّه يلزم أن يكون الإناث أكمل من الذكور؛ لأنّ الأنثى تخاطب بالعبادات عند كمال التسع، والذكر عند كمال خمسة عشر فلا يخاطب بالمعرفة
وإن كان مميّزا عاقلاً إلاّ بعد خطاب الأنثى بزمان، وهو بعيد عن مدارك العقل والنقل، ومن ثمّ ذهب الشيخ الطوسي قدس سره . على ما نسب إليه . إلى وجوب المعرفة على من بلغ عشرا ۳ .
ويشكل بأنّ الصبيّ لا يجب عليه شيء، وحديث رفع القلم عن الصبيّ مسلَّمٌ. اللّهم إلاّ أن يفرّق بين الوجوب الشرعيّ فينتفي عنه، والوجوب العقلي فيثبت عليه، وفيه تأمّل، مع أنّ حكم العقل لا يحكم بتحديد الزمان؛ فتأمّل.
ثمّ إنّ العقل الذي هو مناط التكاليف عبارةٌ عن قوّة للنّفس، بها تستعدّ للعلوم والإدراكات، وقيل: إنّه ما يَعرف حُسن الحَسَن وقُبْح القَبيح، وقيل: إنّه العلم ببعض
1.حقائق الإيمان : ۱۳۴.
2.انظر حقائق الإيمان : ۱۳۵.
3.المصدر : ۱۳۶.