شرح دعاي كميل - صفحه 260

والصفات، أمّا في البدن فبالتحوّل والصفاء والبكاء، وأمّا في الجوارح فبكفّها عن المعاصي وتقييدها بالطاعات، وأمّا في الصفات فبقمع الشهوات ودفع المرديات، فيكون ظاهره وباطنه مشغولاً بما هو خائف منه، ولا يتفرّغ لغيره لحظةً. وقصص الخائفين وأحوالهم من نبي اللّه يحيى بن زكريّا عليه السلام وغيره مذكورة في مطوّلات الأخلاق. قال حكيمٌ: من خاف شيئا هرب منه 1 .
قوله عليه السلام : (وَأَجْتَمِعَ فِي جَوَارِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) أعلى درجات الإيمان تنوّرٌ في القلب وانشراحٌ في الصدر، به ينكشف حقيقة الأشياء على ما هو عليه كما مرَّ، وأهل هذه
الدرجة هم المؤمنون حقّا وهم السابقون المقرّبون وهم أعزّ من الكبريت الأحمر.
(اللَّهُمَّ وَمَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ فَأَرِدْهُ وَمَنْ كَادَنِي) بكيد ومكرٍ (فَكِدْهُ) بالمجازات حتى يشتغل بنفسه ولا يشغلني عنك وعن خدمتك.
(وَاجْعَلْنِي) إلى قوله عليه السلام : (لَهِجا) حريصا ناطقا مصرّا لا يفتر.
قوله عليه السلام : (وَقَلْبِي بِحُبِّكَ مُتيَّما) أي معقولاً معقودا بل أسيرا رقّا مملوكا.
ويظهر من كلمات بعض الفحول أنّ التيّم فوق الحبّ ودرجةُ العشق، ويكون [ المتيّم ] صاحب هذه الدرجة. والمتيّم في محبّة اللّه إن خالط الناس كمنفرد في جماعة ومجتمعٍ في خلوة وغريبٍ في حضره وحاضر في سفره وشاهد في غيبته وغائب في حضوره، وفيهم ورد: «هم قوم صحبوا الدنيا بأبدان أرواحُها معلّقة بالملإ الأعلى، أولئك خلفاء اللّه في أرضه والدعاة إلى دينه» 2 .
وفي دعاء عرفة لسيّد الشهداء وسيد الأحباء: «أنت الذي أزلت الأغيار عن

1. ومن خاف اللّه هرب إليه . نهج البلاغه، الحكمة ۱۴۷، من كلام له عليه السلام لكميل بن زياد . وورد في الكافي ۲ : ۶۸ عن أبي عبداللّه الصادق عليه السلام : «من رجا شيئا عمل له ، ومن خاف من شيء هرب منه» .

2.بحار الأنوار ۲۳ : ۴۶ / ۹۱ عن إكمال الدين ۱ : ۲۹۱ / ۲ الباب السادس والعشرون ، باب ما أخبر به أميرالمؤمنين .. . من وقوع الغيبة بالقائم الثاني عشر .

صفحه از 264