11
العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة

عندما نتلو قوله تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ)۱ ، وقوله : (وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ)۲ ، وقوله : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَؤُاْ)۳ . فالمراد منها : حقيقة العلم وجوهره .
وحينما نقرأ قوله سبحانه : (وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى‏ عِلْمٍ)۴ ، وقوله : (وَ مَا تَفَرَّقُواْ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ)۵ . ، أو قوله : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَبَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ)۶ . فالمقصود منها : ظاهر العلم وقشره .
ويثار هنا سؤال مُفاده : ما حقيقة العلم وكيف يتسنّى‏ لنا أن نميّز حقيقة العلم من ظاهره وكيف يمكن كسب تلك الحقيقة ؟

حقيقة العلم‏

إنّ حقيقة العلم نور يرى‏ به الإنسان العالم كما هو ، ويجد موقعه في الوجود بسببه ، ولنور العلم درجات ، أرفعُها لا يكتفي بتعريف المرء على‏ طريق تكامله ، بل يقتاده في هذا المسار ، ويبلغ به المقصد الأعلى‏ للإنسانيّة .
لقد تحدّث القرآن الكريم عن هذا النور بصراحة ، فقال :
(أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِى بِهِ فِى النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِى الظُّلُمَتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا)۷ ؟!

1.آل عمران : ۱۸ .

2.سبأ : ۶ .

3.فاطر : ۲۸ .

4.الجاثية : ۲۳ .

5.الشورى : ۱۴ .

6.آل عمران : ۱۹ .

7.الأنعام : ۱۲۲ .


العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة
10

أيّ علمٍ يعدّ معياراً لقيمة الإنسان وأساساً للقيم جميعها ؟۱
أيّ علمٍ يُحيي القلب ويهدي المرء ؟۲
أيّ علم يُحسَب أنفعَ كنز ، ويعتبر ميراث الأنبياء ، ويعدّ شرطاً للعمل وكمال الإيمان ؟۳
أيّ علمٍ يحبّب الإنسان إلى اللَّه المنّان ، ويوجب إكرام الملائكة إيّاه ، واستغفار كلّ شي‏ء له ، وتيسير طريق الجنّة للعالِم ؟۴
وبكلمةٍ ، ينبغي أن نعرف نوع العلوم التي قصدها الإسلام في كلّ ما ورد فيه من وصاياه بالتعليم والتعلّم ، وما ذُكر في نصوصه من فضائل جمة للعلم والعالم ، ممّا ستقف عليه في هذا الكتاب ؛ هل أراد فرعاً خاصّاً من العلوم ؟ أو أنّ مطلق العلم في الرؤية الإسلاميّة ذو قيمةٍ ويحوي جميع هذه الفضائل ؟

مفهوم العلم في النصوص الإسلاميّة

إنّ دراسة دقيقة للمواضع التي استُعملت فيها كلمة العلم والمعرفة في النصوص الإسلاميّة تدلّ على‏ أنّ للعلم مفهومين في الإسلام بعامّة ، نسمّي أحدهما : حقيقة العلم وأصله ، ونُطلق على الآخر : ظاهر العلم وقشره .
وتوضيح ذلك أنّ للعلم في الإسلام حقيقة وجوهراً ، وظاهراً وقشراً . وتعدّ ضروب العلوم الرسميّة - الإسلاميّة وغير الإسلاميّة - قشور العلم ، أمّا حقيقة العلم والمعرفة فهي شي‏ء آخر .

1.راجع : ص ۲۵ «معيار قيمة الإنسان» .

2.راجع : ص ۳۱ «حقيقة الحياة» ، ص ۳۴ «أفضل هداية» .

3.راجع : ص ۳۹ «أنفع كنز» ، ص ۴۰ «ميراث الأنبياء عليهم السلام » ، ص ۴۴ «كمال الإيمان» ، ص ۴۵ «شرط العمل» .

4.راجع: ص‏۲۴۰ «محبّة اللَّه عزّ وجلّ» و«إكرام الملائكة» و۲۴۳ «استغفار كلّ‏شي‏ء»، و۲۴۴ «سهولةطريق‏الجنّة».

  • نام منبع :
    العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة
عدد المشاهدين : 77229
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي