استقصاء دقيق نستنتج أنّ موانع نور العلم والحكمة جميعها تتّصل بجذر أصليّ واحد ، هو غلبة الهوى ، من هنا أوردنا الهوى في صدر موانع المعرفة .
إنّ الهوى عاصفة تثير غباراً يحمل صنوفاً من الأسواء ، وهذا الغبار يُسوّد مرآة القلب ، ويحرم الإنسان من نور العلم والحكمة ، وهكذا يضلّ في الطريق وهو يعلم ! أنّه يضلّ كما قال اللَّه سبحانه وتعالى : (أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) .۱
من هذا المنطلق ، يصبح قطع دابر الهوى ضروريّاً لمقارعة حُجُب نور العلم والحكمة .۲
المسألة الثالثة : مبادئ الوسوسة
النقطة المهمّة الأُخرى اللّافتة للنّظر في دراسة هذا الفصل هي أنّ موانع نور العلم والحكمة تُعدّ مبادئ لوساوس الشّيطان أيضاً ، وهذه الحُجُب لا تحرم الإنسان من المعارف الحقيقيّة والإلهامات الرّبانية فحسب ، بل تجعله عرضة لهمزات الشّياطين وما ينبثق عنها من أحاسيس وإدراكات كاذبة ، لذا فقد ورد في الرّوايات الّتي مرّت بنا أنّ الهوى والكِبْر كما أنّهما آفتان للعقل كذلك شراكان للشيطان أيضاً۳ . وفي هذا المجال جاء في مناجاة «الشاكين» المنسوبة إلى الإمام زين العابدين عليه السلام :