323
العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة

الحاجات الضروريّة للمجتمع ، من مصاديق التعلّم الممدوح .

3 . التعلّم الحرام‏

إنّ كلّ علمٍ يبعث على‏ الفساد ويضرّ الفرد أو المجتمع فتعلّمه حرام من منظور إسلاميّ ، كالسحر ، والكهانة ، والنجوم الّتي كانت شائعة في غابر التاريخ ، وكذلك العلوم الّتي تستخدم باتّجاه الغزو الثقافي ، وفساد الأخلاق في العالم المعاصر ، أو علم أسلحة الدمار الشامل ، إلّا إذا كان للدفاع أو لأغراض سلميّة .

4 . التعلّم المكروه‏

إنّه تعلّم العلم الّذي لا يُعدّ مقدّمة للفساد ، ولكن ليس فيه فائدة أيضاً ، كعلم الأنساب في الجاهليّة ، كما أُثر في الأحاديث أنّ «عِلمُ النَّسَبِ عِلمٌ لا يَنفَعُ وجَهالَةٌ لا تَضُرُّ» . وإذا تمّ تقويم هذه العلوم من حيث هي فتعلّمها مباح . أمّا إذا قوِّمت من حيث أنّها تؤدّي إلى‏ ضياع العمر وتُبعد الإنسان عن هدف الإنسانيّة ، فتعلّمها لغو مذموم مكروه ، وعلى‏ المسلم أن يتحاماه وفقاً للآية الكريمة : (وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) .۱

5 . التعلّم المباح‏

إنّ العلوم الّتي تخدم المجتمع ، إذا كان تعلّمها بنيّة القربة والخدمة فهو مستحبّ . وإذا كان لتمشية أُمور المعيشة والمصالح المادّيّة فهو مباح ، باستثناء العلوم الإسلاميّة ؛ فإنّ الأحاديث شدّدت على ذمّ تعلّمها إذا كان لبواعث غير إلهيّة .۲

1.المؤمنون : ۳ .

2.راجع : ص ۲۴۷ «الإخلاص» ، و ۲۷۱ «التعلّم لغير اللَّه عزّ وجلّ» .


العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة
322

بواجباتهم الاعتقاديّة والعمليّة ، فطلبه واجب على الجميع من منظار الإسلام ، كمعرفة العقائد ، ومعرفة الواجبات والمحرّمات ، أو القيم وضدّها في الإسلام ، فهذه واجبة على‏ أفراد المجتمع كلّهم ، وإذا قام بها أحد فلا يسقط التكليف عن الآخرين .

ب - العلوم الواجب طلبها وجوباً كفائيّاً

إنّ كلّ علمٍ مقدّمة للبناء وتأمين الحاجات الاجتماعيّة ، وبغيره لا يستطيع المجتمع مواصلة حياته ، أو أنه يواجه مشكلةً حادّة ، أو لا يتمكّن من الدفاع عن نفسه في مقابل الهجوم المحتمل للعدوّ ، فإنّ طلبه واجب كفائيّ على كلّ مستطيع ؛ أي يجب على‏ جميع الّذين لديهم الاستعداد لطلب ذلك العلم أن يتعلّموه ، ولكنْ إذا نهض عدد منهم - بحدّ الكفاية - لتعلّمه ، سقط التّكليف عن الآخرين .
على هذا الأساس ، تتباين الاختصاصات الّتي طلبها واجب كفائي تبعاً لحاجات المجتمع في أزمنة متفاوتة . مثلًا ، عندما لا يحتاج المجتمع الإسلاميّ إلى‏ علم الذرّة ، فلا وجوب في تحصيله ، ولكن إذا احتاج إليه من أجل الدفاع عن نفسه ، فطلبه واجب كفائيّ ، حسب الآية الكريمة : (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ)۱. وإذا كان عدد المستعدّين لطلبه محدوداً، وعجز الآخرون عن ذلك ، فإنّ الوجوب الكفائيّ يتبدّل إلى‏ وجوب عينيّ عليهم .

2 . التعلّم المستحبّ‏

إنّ‏كلّ علمٍ يمثّل مقدّمة لتقوية البنية المادّيّة أو المعنويّة للفرد أو المجتمع، ولكن تركه لا يهدّد الحاجات الأساسيّة للإنسان فتعلّمه ممدوح ومستحبّ ، وإذا تعلّمه المرء بدافعٍ إلهي فهو مثاب ومأجور عند اللَّه تعالى‏ ، ويعدّ تعلّم العلوم الخارجة عن

1.الأنفال : ۶۰ .

  • نام منبع :
    العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة
عدد المشاهدين : 79363
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي