365
العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة

في مجلس أنبل منك مثل اليوم. فقال القاسم: واللَّه لأن يقطع لساني أحبُّ إليَّ أن أتكلم بما لا علم لي به.
وعن الحسن بن محمّد بن شرفشاه الإسترآبادي‏۱ أنّه دخلت عليه يوماً امرأةٌ فسألته عن أشياء مشكلة في الحيض، فعجز عن الجواب، فقالت له المرأة: أنت عذبتك واصلة إلى وسطك وتعجز عن جواب امرأة. فقال: يا خالة ، لو علمتُ كلَّ مسألةٍ يُسأل عنها لوَصَلت عَذَبتي إلى قَرنِ الثور .۲

1.توفّي في سنة ۷۱۵ه ، وردت ترجمته ومصادر ترجمته في روضات الجنّات : ج ۳ ص ۹۶ و ۹۷ ومعجم المؤلّفين : ج ۳ ص ۲۸۳ و طبقات الشافعيّة : ج ۹ ص ۴۰۷ و ۴۰۸ والأعلام: ج ۲ ص ۲۱۵.

2.منية المريد : ص ۲۸۵ - ۲۸۶.


العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة
364

وقد أدّب اللَّه تعالى العلماء بقصّة موسى والخضر عليهما السلام حين لم يردّ موسى عليه السلام العلم إلى اللَّه تعالى لمّا سئل : هل أحدٌ أعلم منك‏۱ بما حكاه اللَّه عنهما من الآيات‏۲ المؤذنة بغاية الذلّ من موسى عليه السلام وغاية العظمة من الخضر عليه السلام .۳
و قال الشهيد الثاني في موضع آخر :
وعن مالك بن أنس أنّه سئل عن ثمان وأربعين مسألة، فقال في اثنتين وثلاثين منها : لا أدري . وفي رواية اُخرى: أنّه سئل عن خمسين مسألة، فلم يجب في واحدة منها . وكان يقول: من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنّة والنار وكيف خلاصه ، ثمّ يجيب.
وسئل يوماً عن مسألة فقال: لا أدري. فقيل: هي مسألة خفيفة سهلة! فغضب وقال : ليس من العلم شي‏ء خفيف، أما سمعت قول اللَّه تعالى: (إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلاً)۴. فالعلم كلُّه ثقيل.
وعن القاسم بن محمّد بن أبي بكر۵ أحد فقهاء المدينة - المتّفق على علمه وفقهه بين المسلمين - أنّه سئل عن شي‏ء فقال: لا اُحسنه، فقال السائل: إنّي جئتُ إليك لا أعرف غيرك ! فقال القاسم: لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي، واللَّه ما اُحسنه . فقال شيخ من قريش جالسٌ إلى جنبه: يابن أخي الزمها ، فواللَّه ما رأيتك

1.راجع: صحيح مسلم : ج ۴ ص ۱۸۴۷ ح ۱۷۰ وص‏۱۸۵۰ ح ۱۷۲ و مسند ابن حنبل: ج ۸ ص ۱۲ ح ۲۱۱۶۷ وص‏۱۳ ح ۲۱۱۷۲ و الترغيب والترهيب : ج ۱ ص ۱۲۹ ح ۱ و مجمع البيان : ج ۶ ص ۷۴۲ كلّها عن اُبَيّ بن كعب . وإليك نصّ واحد منها : «رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله : بينا موسى عليه السلام في ملأٍ من بني إسرائيل ، إذ قام إليه رجل فقال : هل تعلم أحداً أعلم منك؟ قال : لا ، فأوحى اللَّه تبارك وتعالى إليه : عبدنا خِضر... إلخ» .

2.الكهف : ۶۵ - ۸۲ .

3.منية المريد: ص ۲۱۵ - ۲۱۸.

4.المزّمل: ۵.

5.هو أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، توفّي سنة ۱۰۷ أو ۱۰۱ أو ۱۰۲ أو ۱۰۸ أو ۱۱۲ه ، وردت ترجمته ومصادر ترجمته في وفيات الأعيان : ج ۴ ص ۵۹ و ۶۰.

  • نام منبع :
    العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة
عدد المشاهدين : 115768
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي