۲۸۱.عنه عليه السلام: وَاللَّهِ ما سَكَنَتِ الدُّنيا فِى قَلبِ عَبدٍ إِلَّا التاط قَلبُهُ مِنهَا بِثَلاث : شُغلٍ لَا يَنفَكُّ عَناهُ۱ ، وفَقرٍ لَا يُدرَكُ غِناهُ ، وأَمَلٍ لَا يُدرَكُ مُنتَهاهُ . اَلدُّنيا طالِبَةٌ ومَطلُوبَةٌ ، فَطالِبُ الآخِرَةِ تَطلُبُهُ الدُّنيا حَتّى يَستَكمِلَ فِيها رِزقَهُ، وطالِبُ الدُّنيَا تَطلُبُهُ الآخِرَةُ حَتّى يَجِيءَ المَوتُ فَيَأخُذَ بِعُنُقِهِ.۲
۲۸۲.عنه عليه السلام: لا تَتَّخِذُوا الدُّنيا رَبَّاً فَتَتَّخِذَكُم لَها عَبِيداً .۳
۲۸۳.عنه عليه السلام: بِحَقٍّ أقُولُ لَكُم : إِنَّ العَبدَ لَا يَقدِرُ عَلى أَن يَخدُمَ رَبَّينِ ، ولا مَحالَةَ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ أَحَدَهُما عَلَى الآخَرِ وإِن جَهَدَ ، كَذلِكَ لَا يَجتَمِعُ لَكُم حُبُّ اللَّهِ وَحُبُّ الدُّنيا .۴
۲۸۴.عنه عليه السلام: لَا يَستَقِيمُ حُبُّ الدُّنيا وحُبُّ الآخِرَةِ فِي قَلبِ مُؤمِنٍ ، كَما لَا يَستَقِيمُ الماءُ والنّارُ فِي إِناءٍ .۵
۲۸۵.عنه عليه السلام- أَنَّهُ كانَ يَقُولُ لِأَصحابِهِ -: يا بَنِي آدَمَ ، اهرُبُوا مِنَ الدُّنيا إِلَى اللَّهِ ، وأَخرِجُوا قُلُوبَكُم عَنها ، فَإِنَّكُم لَا تَصلُحُونَ لَها وَلَا تَصلُحُ لَكُم ، ولَا تَبقَونَ فِيها ولا تَبقَى لَكُم ، هيَ الخَدّاعَةُ الفَجّاعَةُ ، المَغرُورُ مَن اغتَرَّ بِها ، المَغبُونُ مَنِ اطمَأَنَّ إِلَيها ، الهالِكُ مَن أَحَبَّها وأَرادَها ، فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُم ، واتَّقُوا رَبَّكُم ، واخشَوا يَوماً لا يَجزِي والِدٌ عَن وَلَدِهِ ، ولا مَولُودٌ هُوَ جازٍ عَن وَالِدِه شَيئاً .
أَينَ آباؤُكُم؟ أَينَ اُمَّهاتُكُم؟ أَينَ إِخوَتُكُم؟ أَينَ أَخَوَاتُكُم؟ أَينَ أَولادُكُم؟ دُعُوا
فَأَجابُوا ، وَاستُودِعُوا الثَّرى ، وجاوَرُوا المَوتَى ، وصارُوا فِي الهَلكى ، وخَرَجُوا عَنِ الدُّنيا ، وفارَقُوا الأَحِبَّةَ ، واحتاجُوا إِلى ما قَدَّمُوا ، واستَغنَوا عَمّا خَلَّفُوا ، فَكَم تُوعَظُون وكَم تُزجَرُونَ وَأَنتُم لاهُونَ لاهُونَ؟!
مَثَلُكُم فِي الدُّنيا مَثَلُ البَهائِمِ ، هِمَّتُكُم بُطُونُكُم وَفُرُوجُكُم ، أَما تَستَحيُونَ مِمَّن خَلَقَكُم وقَد وَعَدَ مَن عَصاهُ النّارَ ، ولَستُم مِمَّن يَقوى عَلَى النّارِ؟ ووَعَدَ مَن أَطاعَهُ الجَنَّةَ ومُجاوَرَتَهُ فِي الفِردَوسِ الأَعلى ، فَتَنافَسُوا فِيهِ ، وكُونُوا مِن أَهلِهِ ، وأَنصِفُوا مِن أَنفُسِكُم ، وتَعَطَّفُوا عَلى ضُعَفائِكُم وأَهلِ الحاجَةِ مِنكُم ، وتُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوبَةً نَصُوحاً ، وكُونُوا عَبِيداً أبراراً ، ولا تَكُونُوا مُلُوكاً جَبابِرَةً ، ولا مِنَ العُتاةِ الفَراعِنَةِ المُتَمَرِّدينَ عَلى مَن قَهَرَهُم بِالمَوتِ جَبّارِ الجَبابِرَةِ رَبِّ السَّماواتِ ورَبِّ الأَرَضِينَ ، وإِلهِ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ مالِكِ يَومِ الدّينِ ، شَدِيدِ العِقابِ ، أَلِيمِ العَذَابِ ، لا يَنجُو مِنهُ ظالِمٌ ، ولا يَفُوتُهُ شَيءٌ ، ولا يَعزُبُ عَنهُ شَيء ، ولا يَتَوارى مِنهُ شَيءٌ ، أَحصى كُلَّ شَيءٍ عِلمُهُ وأَنزَلَهُ مَنزِلَتَهُ فِي جَنَّةٍ أَو نارٍ .
ابنُ آدَمَ الضَّعِيفَ! أَينَ تَهرُبُ مِمَّن يَطلُبُكَ فِي سَوادِ لَيلِكَ ، وبَياضِ نَهارِكَ ، وفِي كُلِّ حالٍ مِن حالاتِك؟ قَد أَبلَغَ مَن وَعَظَ ، وأَفلَحَ مَنِ اتَّعَظَ .۶
1.في المصدر «غناه» ، والصواب ما أثبتناه كما في الدرّ المنثور.
2.تاريخ دمشق: ج ۴۷ ص ۴۲۹ عن شعيب بن صالح ، الدرّ المنثور: ج ۲ ص ۲۱۲.
3.تفسير الفخر الرازي: ج ۲۲ ص ۱۳۶ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ۱۹ ص ۳۳۰ ؛ تنبيه الخواطر: ج ۱ ص ۱۲۹ ، بحار الأنوار: ج ۱۴ ص ۳۲۷ ح ۴۸.
4.تحف العقول: ص ۵۰۳ ، بحار الأنوار: ج ۱۴ ص ۳۰۷ ح ۱۷.
5.البداية والنهاية: ج ۲ ص ۸۹ ، تاريخ دمشق: ج ۴۷ ص ۴۳۱ كلاهما عن سفيان الثوري ، إحياء العلوم: ج ۳ ص ۳۰۱ ؛ تنبيه الخواطر: ج ۱ ص ۱۳۱ ، بحار الأنوار: ج ۱۴ ص ۳۲۷ ح ۵۱ .
6.الأمالي للصدوق: ص ۶۵۰ ح ۸۸۴ عن منصور بن حازم عن الإمام الصادق عليه السلام ، روضة الواعظين: ص ۴۸۹ عن الإمام الصادق عنه عليهما السلام ، بحار الأنوار: ج ۱۴ ص ۲۸۸ ح ۱۳.