رساله اي از ملا حبيب الله شريف كاشاني - صفحه 133

بحسب المفهوم اللغوى الذى يعرفه كلّ من له اطّلاع باللغة إلّا أنّ ذلك لايوجب الغيرية الواقعية التحقيقية.
كما لايخفى ذلك على الأذهان السليمة بل صفاتها الفعلية بحسب الصدور إذ لها جهتان: جهة من شأن الذات من الإصدار وجهة من شأن الممكنات من الإنصدار والاوُلى لم يعرفها بعد أحد من الخلق والثانية يعرفها الفائزون بالعلوم اللدنية ولقد فصّلنا القول فى ذلك فى بعض رسائلنا الشريفة ولسنا الآن بصدد تحقيق تلك المقالة لفرط العجالة وكثرة الملالة.
وإذا عرفت ذلك فلا ينبغى أن يخفى عليك أنّه لقدضلّ من زعم انّ الحقّ (تعالى) وإن كان كنزاً مخفياً لم يعرفه شىء؛ إذ ما كان معه شىء فى أزل الآزال وما لاشىء معه كيف يعرفه شىء؟ إذِالمعرفة وصف تقتضى الواصف وتستدعى العارف إلّا أنّه (تعالى) لما خلق ما خلق بما خلق لما خلق عُرف مقام غيبه الحقّ واُخذ حجاب الخفاء وظهر سرّ عالم العماء ولاح محيّا الغيب المقدس عن كل عيب.
ولعلّه استدل بما به قد نستدل لخلاف ما استدل وهو قوله: «كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن اُعرف؛ فخلقت الخلق لكى اُعرف» ۱ ومن زاعمي تلك المقالة الموهونة، الصوفية المحجوبون عن الحقائق المكنونة؛ حيث صرح بعضهم بأنّ الأشياء كلّها مشتركة فى حقيقة واحدة سارية وهى ذات اللّه الأكبر، فلا فرق بين الخالق والمخلوق سوى الإطلاق والتقييد.
فإذا وصل العارف بساحة حقيقته وعرف مقام كينونيته فقد عرف لامحالة ربّه؛ إذ لاشىء فى الوجود سواه فالنفس هى الربّ وأمّا نحن أهلَ التنزيه لايعترينا ريب فى بطلان ذلك المسلك وضلالة سالكه لمساعدة الدليلين على ذلك.
أمّا الاستكشاف فواضح لمن استشرق بإشراقات أنوار القدس ولعمرى وعمر من اُحبّه لاأقدر على تفهيمك حقيقة ذلك الدليل؛ فانّك لست من الفائزين بمقام الإشراق فكيف تدركه وأنت بمعزل من ذلك المقام.
وأمّا الإستدلال فمدلوله على الإجمال إنّا نعلم بعلم اليقين أنّ مقام الاُلوهية المطلقة لابدّ

1.بحارالأنوار، ج۸۷، ص۱۹۹و۳۴۴.

صفحه از 139