رساله اي از ملا حبيب الله شريف كاشاني - صفحه 134

أن يكون فوق المقامات واللايق به لايكون إلّا المتقدّس عن كلّ نقص وعيب.
وأنت إذا قلت إنّ غيب الهوية (أعنى الذات الأحدية) يمكن الوصول الى كينونيتها والإدراك لكيفوفيتها والإطّلاع على حيثوثيتها فقد وصفتها بالنقصان لأنّ المحاط عليه كالأسير فى يد فهم المحيط على أنّ موهومك الذى ادركته بفهمك ليس إلّا شأن من شئون امكانك وأثر من آثار حدوثك؛ بل خلق أنت خلقته، فكيف ترضى أن يكون مخلوقك خالقك ومرزوقك رازقك؟
هيهات هيهات لقداتّبعت هواك وافتريت على مولاك و «من اضلّ ممّن اتّبع هواه»۱ وسلك سبيل رداه؟ بل لاأخاف من ربّى (تعالى ذاته) فى أن أقول لك، ياجاهل، لقد كفرت باللّه العظيم بقضية قول الإمام (عليه السّلام): «من عبداللّه بالتوهم فقد كفر» ۲ ؛ أى كفر من اتّخذ موهومه إلهه؛ فإنّه (تعالى) أجلّ من أن يدرك بوهم الواهمين ويعرف بفهم الفاهمين.
والحاصل، انّه (تعالى) لابدّ أن يكون متقدّسا عن كل نقص ومتحمّلا بكلّ كمال ولاريب أنّ المدركية بالوهم ليس معناها إلّا أن يكون محاطاً عليه وذلك نقص بيّن. ومن ذلك نتمّسك على بطلان مقالهم بأنّ الحقّ (تعالى) كان فى الأزل الذى لم يكن معه شىء مخفياً عن نفسه، بحيث كان عالماً بأنّه هو موصوفاً بجميع ما هو الكمال فى شأن الجلال والجمال.
ولكن على طريق الإجمال فخلق الخلق ليطلع على مقام التفصيل من كماله كالجميل الذى يعلم مجملاً اتّصافه بالجمال؛ ولكنّه ما لم ينظر فى المرآة ليس له أن يطلع على تفصيل حسنه وجماله فالحقّ (تعالى) جميل، أراد أن ينظر الى نفسه بواسطة مرائى خلقه.
فالغرض الأصلىّ من ذلك الخلق ما كان إلّا مشاهدة ذاته والإطّلاع على تفصيل كماله وجماله. فيا سبحان اللّه كيف يصفون الحقّ (تعالى) بما هو بيّن نقصه؟ إذ، إذا قلت إنّه (تعالى) علم فى خلقه بعد خلقه ما لم يكن علمه قبل خلقه، فقد وصفته بنقصين: الجهل وحدوث العلم والحاجة والإفتقار الى غيره مع انّه كان عالماً بكلّ شىء قبل خلقه، فضلاً عن ذاته التى هى عين حقيقته وكان غنياً عن العالمين.
وهنا تفاصيل اُخر أشرنا اليها فى بعض رسائلنا فى ذلك الباب.

1.سورة القصص، آية۵۱

2.الحديث من أبى عبدالله(ع)؛ راجع: التوحيد، الصدوق، ص۲۲۰؛ الكافى، ج۱، ص۸۷، ح۱

صفحه از 139