رساله اي از ملا حبيب الله شريف كاشاني - صفحه 138

لامناسبة بينه وبين الحادث أصلاً لمصدودة وأبواب عرفانه له قطعاً لمسدودة ومن هنا يكشف ما قيل: «ما للتراب وربّ الأرباب!» ۱ . كيف لا والوصفان (القدم والحدوث) لمتباينان فى حدّ الكينونية كمال المباينة إذ الأوّل من خواصّه اللّم يزلية والثانى من ذاتيته اللّم يكنية.
فالمراد بالعرفان حينئذٍ العرفان الضدّى (أى الجهلى) حيث انّ العارف حينئذٍ يشعر بجهله وقصوره عن فهم حقيقة الذات ودقيقة الصفات.
ومنها انّ العارف المتعمّق إذا تعمّق فى إدراك نفسه المخلوقة البشرية وفهم حقيقة الحادثة أو لم يجد الى كنهها سبيلاً ولا الى مقام ذاتيتها دليلاً، عرف انّ معرفة الذات الغيبية من أمحل المحالات الصرفة والممتنعات المحضة والحاصل انّه كما لايعرف النفس مع أنّها حادثة محتاجة كذلك لايعرف الربّ الغنىّ عن كلّ شىء وهذا الوجه ذكره جماعة ولايخفى وجهه إلّا أنّ ذلك لايلائم ما ذكر فى معناه من قوله: «أعرفكم بنفسه أعرفكم بربّه» ۲ فتأمّل.
ومنها: إنّ المراد بالربّ هو حقيقة المشية السارية فى جميع ما خلق، وتلك الحقيقة تربّى كلّ شىء بجهتها الملكوتية فانّها واسطة الفيض الإلهى على القوابل الإمكانية؛ أى من عرف نفسه بالسرّ فى درجاتها والسلوك فى مراتبها يجد حقيقة هويّتها التى هى شأن من شئون المشية شعاعاً أو عكساً.
ولتحقيق ذلك الوجه تفصيل يطول به الوجيزة والقول المجمل منه: إنّ اللّه خلق محمداً (أى حقيقة نورانيته) أوّل كلّ خلق؛ بمعنى انّه ما كان واسطة بينه وبينه. بل كان (ص) أقرب اليه من كلّ شىء ومحلّ الإشراق الأوّل وكان هو(ص) عين الصنع الأقدم كما فى الفعل والمفعول المطلق (فانّه من الفعل ولكنّه عينه) ثمّ خلق كلّ شىء من نور هويّته بانّ جملة واسطة الخلق بحيث لولاه لما خلق شيئاً كسائر المفاعيل، فانّها لاحصول لها إلّا بالمصدر الذى هو المفعول المطلق؛ فما من شىء إلّا وهو مخلوق منه(ص).
وفى كل شىء لقد أودع شأن من شأنه كما ورد فيه الأخبار الكثيرة وذلك الشأن مكنون فى حقيقة النفوس، لايظهر إلّا بالرياضة وتهذيب الأخلاق كما قال: «ليس العلم فى السماء

1.ذكر عزّالدين الكاشانى فى مصباح الهداية(ص۲۱۰) انّ موسى(ع) لمّا سأل ربّه أ ينظر اليه، نودى من الملأ الأعلى:«ما للتراب وربّ الأرباب!».(كلمات مكنونة، ص۱۲؛ اسرار الحكم، ص۲۳)

2.هو قول رسول الله(ص)؛ راجع: جامع الأخبار، ص۳۵۰؛ روضةالواعظين، ص۲۰.

صفحه از 139