>

227
کنز الدعاء المجلد الاول

مَجدِكَ وجَلالَتِكَ ؟ أو تَطبَعُ عَلى‏ قُلوبٍ انطَوَت عَلى‏ مَحَبَّتِكَ ؟ أو تُصِمُّ أسماعاً تَلَذَّذَتِ بِسَماعِ ذِكرِكَ في إرادَتِكَ ؟ أو تَغُلُّ أكُفّاً رَفَعَتهَا الآمالُ إلَيكَ رَجاءَ رَأفَتِكَ ؟ أو تُعاقِبُ أبداناً عَمِلَت بِطاعَتِكَ حَتّى‏ نَحِلَت في مُجاهَدَتِكَ ؟ أو تُعَذِّبُ أرجُلاً سَعَت في عِبادَتِكَ ؟
إلهي ! لا تُغلِق عَلى‏ مُوَحِّديكَ أبوابَ رَحمَتِكَ ، ولا تَحجُب مُشتاقيكَ عَنِ النَّظَرِ إلى‏ جَميلِ رُؤيَتِكَ .
إلهي ! نَفسٌ أعزَزتَها بِتَوحيدِكَ ، كَيفَ تُذِلُّها بِمَهانَةِ هِجرانِكَ ؟ وضَميرٌ انعَقَدَ عَلى‏ مَوَدَّتِكَ ، كَيفَ تُحرِقُهُ بِحَرارَةِ نيرانِكَ ؟
إلهي ! أجِرني مِن أليمِ غَضَبِكَ ، وعَظيمِ سَخَطِكَ ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ ، يا رَحيمُ يا رَحمنُ ، يا جَبّارُ يا قَهّارُ ، يا غَفّارُ يا سَتّارُ ، نَجِّني بِرَحمَتِكَ مِن عَذابِ النّارِ ، وفَضيحَةِ العارِ ، إذَا امتازَ الأَخيارُ مِنَ الأَشرارِ ، وهالَتِ الأَهوالُ ، وقَرُبَ المُحسِنونَ ، وبَعُدَ المُسيؤونَ ، ووُفِّيَت كُلُّ نَفسٍ ما كَسَبَت وهُم لا يُظلَمونَ . ۱

ك - المُناجاةُ المَأثورَةُ عَنِ الإِمامِ زَينِ العابِدينَ عليه السلام فِي الرَّهبَةِ

۲۸۳.الإمام زين العابدين عليه السلام :
اللَّهُمَّ إنَّكَ خَلَقتَني سَوِيّاً ، ورَبَّيتَني صَغيراً ، ورَزَقتَني مَكفِيّاً . اللَّهُمَّ إنّي وَجَدتُ فيما أنزَلتَ مِن كِتابِكَ ، وبَشَّرتَ بِهِ عِبادَكَ ، أن قُلتَ : (يَعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا)۲ ، وقَد تَقَدَّمَ مِنّي ما قَد عَلِمتَ ، وما أنتَ أعلَمُ بِهِ مِنّي ، فَيا سَوأَتا مِمّا أحصاهُ عَلَيَّ كِتابُكَ ، فَلَولَا المَواقِفُ الَّتي اُؤَمِّلُ مِن عَفوِكَ الَّذي شَمِلَ كُلَّ شَي‏ءٍ لَأَلقَيتُ بِيَدي ، ولَو أنَّ أحَداً استَطاعَ الهَرَبَ مِن رَبِّهِ ، لَكُنتُ أنَا أحَقُّ بِالهَرَبِ مِنكَ ، وأَنتَ لا تَخفى‏ عَلَيكَ خافِيَةٌ فِي الأَرضِ ولا فِي السَّماءِ إلّا أتَيتَ بِها ،

1.بحار الأنوار : ج ۹۴ ص ۱۴۳ نقلاً عن بعض كتب الأصحاب .

2.الزمر : ۵۳ .


کنز الدعاء المجلد الاول
226

شاكٌّ ، ولا بِنَكالِكَ ۱ جاهِلٌ ، ولا لِعُقوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ ، ولكِن سَوَّلَت لي نَفسي ، وأَعانَني عَلى‏ ذلِكَ سَترُكَ المُرخى‏ بِهِ عَلَيَّ ، فَأَنَا الآنَ مِن عَذابِكَ مَن يَستَنقِذُني ؟ وبِحَبلِ مَن أعتَصِمُ إن قَطَعتَ حَبلَكَ عَنّي ؟ فَوا سَوأَتاه غَداً مِنَ الوُقوفِ بَينَ يَدَيكَ إذا قيلَ لِلمُخِفّينَ : جوزوا ، ولِلمُثقِلينَ : حُطّوا ، أمَعَ المُخِفّينَ أجوزُ ، أم مَعَ المُثقِلينَ أحُطُّ ؟ ! وَيلي كُلَّما طالَ عُمُري كَثُرَت خَطايايَ ولَم أتُب ، أما آنَ لي أن أستَحِيَ مِن رَبّي ؟ !» .
ثُمَّ بَكى‏ ، ثُمَّ أنشَأَ يَقولُ :

«أتُحرِقُني بِالنّارِ يا غايَةَ المُنى‏فَأَينَ رَجائي ثُمَّ أينَ مَحَبَّتي‏
أتَيتُ بِأَعمالٍ قِباحٍ رَدِيَّةٍوما فِي الوَرى‏ خَلقٌ جَنى‏ كِجِنايَتي»
ثُمَّ بَكى‏ وقالَ : «سُبحانَكَ ! تُعصى‏ كَأَ نَّكَ لا تَرى‏ ، وتَحلُمُ كَأَنَّكَ لَم تُعصَ ، تَتَوَدَّدُ إلى‏ خَلقِكَ بِحُسنِ الصَّنيعِ كَأَنَّ بِكَ الحاجَةَ إلَيهِم ، وأَنتَ يا سَيِّدِي الغَنِيُّ عَنهُم» . ثُمَّ خَرَّ إلَى الأَرضِ ساجِداً . ۲

ى - المُناجاةُ المَأثورَةُ عَنِ الإِمامِ زَينِ العابِدينَ عليه السلام المَعروفَةُ بِمُناجاةِ الخائِفينَ‏

۲۸۲.الإمام زين العابدين عليه السلام :
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، إلهي ! أتَراكَ بَعدَ الإِيمانِ بِكَ تُعَذِّبُني ؟ أم بَعدَ حُبّي إيّاكَ تُبَعِّدُني ؟ أم مَعَ رَجائي لِرَحمَتِكَ وصَفحِكَ تَحرِمُني ؟ أم مَعَ استِجارَتي بِعَفوِكَ تُسلِمُني ؟ حاشا لِوَجهِكَ الكَريمِ أن تُخَيِّبَني ، لَيتَ شِعري ، ألِلشَّقاءِ وَلَدَتني اُمّي أم لِلعَناءِ رَبَّتني ؟ ! فَلَيتَها لَم تَلِدني ولَم تُرَبِّني ، ولَيتَني عَلِمتُ أمِن أهلِ السَّعادَةِ جَعَلتَني ؟ وبِقُربِكَ وجِوارِكَ خَصَصتَني ؟ فَتَقِرَّ بِذلِكَ عَينى ، وتَطمَئِنَّ لَهُ نَفسي .
إلهي ! هَل تُسَوِّدُ وُجوهاً خَرَّت ساجِدَةً لِعَظَمَتِكَ ؟ أو تُخرِسُ ألسِنَةً نَطَقَت بِالثَّناءِ عَلى‏

1.النكالُ : العقوبة (النهاية : ج ۵ ص ۱۱۷ «نطل») .

2.المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۱۵۱ ، بحار الأنوار : ج ۴۶ ص ۸۱ ح ۷۵ وج ۸۷ ص ۲۰۰ ح ۸ .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
تعداد بازدید : 76233
صفحه از 579
پرینت  ارسال به