>

233
کنز الدعاء المجلد الاول

عَلَيها عُيونُ مَسائِلي .
إلهي ! فَأَفِض بِسَجلٍ مِن سِجالِكَ عَلى‏ عَبدٍ بائِسٍ قَد أتلَفَهُ الظَّمَأُ ، وأَحاطَ بِخَيطِ جِيدِهِ كَلالُ الوَنى‏ ۱ .
إلهي ! أدعوكَ دُعاءَ مَن لَم يَرجُ غَيرَكَ بِدُعائِهِ ، وأَرجوكَ رَجاءَ مَن لَم يَقصِد غَيرَكَ بِرَجائِهِ .
إلهي ! كَيفَ أرُدُّ عارِضَ تَطَلُّعي إلى‏ نَوالِكَ ، وإنَّما أنا فِي استِرزاقي لِهذَا البَدَنِ أحَدُ عِيالِكَ . . .
إلهي ! كَيفَ يَنقُلُ بِنَا اليَأسُ إلَى الإِمساكِ عَمّا لَهِجنا بِطِلابِهِ ، وقَدِ ادَّرَعنا مِن تَأميلِنا إيّاكَ أسبَغَ أثوابِهِ .
إلهي ! إذا هَزَّتِ الرَّهبَةُ أفنانَ مَخافَتِنَا انقَلَعَت مِنَ الاُصولِ أشجارُها ، وإذا تَنَسَّمَت ۲ أرواحُ الرَّغبَةِ مِنّا أغصانَ رَجائِنا أينَعَت بِتَلقيحِ البِشارَةِ أثمارُها .
إلهي ! إذا تَلَونا مِن صِفاتِكَ شَديدَ العِقابِ أسِفنا ، وإذا تَلَونا مِنهَا الغَفورَ الرَّحيمَ فَرِحنا ۳ ، فَنَحنُ بَينَ أمرَينِ : فَلا سَخطَتُكَ تُؤمِنُنا ، ولا رَحمَتُكَ تُؤيِسُنا . . .
إلهي ! إنَّكَ لَم تَزَل بي بارّاً أيّامَ حَياتي ، فَلا تَقطَع بِرَّكَ عَنّي بَعدَ وَفاتي .
إلهي ! كَيفَ أيأَسُ مِن حُسنِ نَظَرِكَ لي بَعدَ مَماتي ، وأَنتَ لَم تُوَلِّني إلَّا الجَميلَ في أيّامِ حَياتي .
إلهي ! إنَّ ذُنوبي قَد أخافَتني ، ومَحَبَّتي لَكَ قَد أجارَتني ، فَتَوَلَّ مِن أمري ما أنتَ أهلُهُ ، وعُد بِفَضلِكَ عَلى‏ مَن غَمَرَهُ جَهلُهُ . يا مَن لا تَخفى‏ عَلَيهِ خافِيَةٌ ، صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ

1.الونى‏ : التعب والفتور .

2.تَنَسَّمَتْ ريحُها بشي‏ءٍ من نسيمٍ أي هَبَّتْ هُبوباً رُويداً ذات نسيمٍ (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۵۷۴ «نسم») .

3.طمعنا (خ ل).


کنز الدعاء المجلد الاول
232

التِهابِها .
إلهي ! كُلُّ مَكروبٍ إلَيكَ يَلتَجي ، وكُلُّ مَحزونٍ إيّاكَ يَرتَجي .
إلهي ! سَمِعَ العابِدونَ بِجَزيلِ ثَوابِكَ فَخَشَعوا ، وسَمِعَ الزّاهِدونَ بِسَعَةِ رَحمَتِكَ فَقَنِعوا ، وسَمِعَ المُوَلُّونَ عَنِ القَصدِ بِجودِكَ فَرَجَعوا ، وسَمِعَ المُجرِمونَ بِسَعَةِ غُفرانِكَ فَطَمِعوا ، وسَمِعَ المُؤمِنونَ بِكَرَمِ عَفوِكَ وفَضلِ عَوارِفِكَ فَرَغِبوا ، حَتَّى ازدَحَمَت مَولايَ بِبابِكَ عَصائِبُ العُصاةِ مِن عِبادِكَ ، وعَجَّت إلَيكَ مِنهُم عَجيجَ الضَّجيجِ بِالدُّعاءِ في بِلادِكَ ، ولِكُلٍّ أمَلٌ قَد ساقَ صاحِبَهُ إلَيكَ مُحتاجاً ، وقَلبٌ تَرَكَهُ وَجيبُ خَوفِ المَنعِ مِنكَ مُهتاجاً ، وأَنتَ المَسؤولُ الَّذي لا تَسوَدُّ لَدَيهِ وُجوهُ المَطالِبِ ، ولَم تَرزَأْ بِنَزيلِهِ قَطيعاتُ المَعاطِبِ .
إلهي ! إن أخطَأتُ طَريقَ النَّظَرِ لِنَفسي بِما فيهِ كَرامَتُها ، فَقَد أصَبتُ طَريقَ الفَزَعِ إلَيكَ بِما فيهِ سَلامَتُها .
إلهي ! إن كانَت نَفسِي استَسعَدَتني مُتَمَرِّدَةً عَلى‏ ما يُرديها ، فَقَدِ استَسعَدتُهَا الآنَ بِدُعائِكَ عَلى‏ ما يُنجيها .
إلهي ! إن عَدانِي ۱ الاِجتِهادُ فِي ابتِغاءِ مَنفَعَتي ، فَلَم يَعدُني بِرُّكَ بِما فيهِ مَصلَحَتي .
إلهي ! إن قَسَطتُ فِي الحُكمِ عَلى‏ نَفسي بِما فيهِ حَسرَتُها ، فَقَد أقسَطتُ الآنَ بِتَعريفي إيّاها مِن رَحمَتِكَ إشفاقَ رَأفَتِها .
إلهي ! إن اُجحِفَ ۲ بي قِلَّةُ الزّادِ فِي المَسيرِ إلَيكَ ، فَقَد وَصَلتُهُ الآنَ بِذَخائِرِ ما أعدَدتُهُ مِن فَضلِ تَعويلي عَلَيكَ .
إلهي ! إذا ذَكَرتُ رَحمَتَكَ ضَحِكَت إلَيها وُجوهُ وَسائِلي ، وإذا ذَكَرتُ سَخطَتَكَ ۳ بَكَت

1.عَداني عنك أمرُ كذا يَعدوني : أي شَغَلَني (ترتيب كتاب العين : ص ۵۲۲ «عدو») .

2.أجحَفتَ بهم : أي أفقرتَهم (النهاية : ج ۱ ص ۲۴۱ «جحف») .

3.في البلد الأمين : «سخطك» .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
تعداد بازدید : 75007
صفحه از 579
پرینت  ارسال به