يا مَن لا يَزيدُهُ كَثرَةُ الدُّعاءِ ۱ إلّا سَعَةً وعَطاءً ، يا مَن لا تَنفَدُ خَزائِنُهُ ، يا مَن لَهُ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالأَرضِ ، يا مَن لَهُ خَزائِنُ ما دَقَّ وجَلَّ ، لا تَمنَعُكَ إساءَتي مِن إحسانِكَ أن ۲ تَفعَلُ بِيَ الَّذي أنتَ أهلُهُ ، فَإِنَّكَ أنتَ أهلُ الكَرَمِ وَالجودِ ، وَالعَفوِ وَالتَّجاوُزِ ، يا رَبِّ يا اللَّهُ لا تَفعَل بِيَ الَّذي أنَا أهلُهُ ، فَإِنّي أهلُ العُقوبَةِ وقَدِ استَحقَقتُها ، لا حُجَّةَ لي ولا عُذرَ لي عِندَكَ ، أبوءُ لَكَ بِذُنوبي كُلِّها وأَعتَرِفُ بِها كَي تَعفُوَ عَنّي ، وأَنتَ أعلَمُ بِها مِنّي ، أبوءُ لَكَ بِكُلِّ ذَنبٍ أذنَبتُهُ ، وكُلِّ خَطيئَةٍ احتَمَلتُها ، وكُلِّ سَيِّئَةٍ عَمِلتُها ، رَبِّ اغفِر وَارحَم ، وتَجاوَز عَمّا تَعلَمُ ، إنَّكَ أنتَ الأَعَزُّ الأَكرَمُ .
وقامَ ودَخَلَ الطَّوافَ ، فَقُمنا لِقِيامِهِ ، وعادَ مِنَ الغَدِ في ذلِكَ الوَقتِ ، فَقُمنا لِإِقبالِهِ كَفِعلِنا فيما مَضى ، فَجَلَسَ مُتَوَسِّطاً ونَظَرَ يَميناً وشِمالاً ، فَقالَ : كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ سَيِّدُ العابِدينَ عليه السلام يَقولُ في سُجودِهِ ، في هذَا المَوضِعِ - وأَشارَ بِيَدِهِ إلَى الحِجرِ تَحتَ الميزابِ - :
عُبَيدُكَ بِفِنائِكَ ، مِسكينُكَ بِفِنائِكَ ، فَقيرُكَ بِفِنائِكَ ، سائِلُكَ بِفِنائِكَ ، يَسأَ لُكَ ما لا يَقدِرُ عَلَيهِ غَيرُكَ .
ثُمَّ نَظَرَ يَميناً وشِمالاً ، ونَظَرَ إلى مُحَمَّدِ بنِ القاسِمِ مِن بَينِنا ، فَقالَ : يا مُحَمَّدَ بنَ القاسِمِ ، أنتَ عَلى خَيرٍ إن شاءَ اللَّهُ تَعالى - وكانَ مُحَمَّدُ بنُ القاسِمِ يَقولُ بِهذَا الأَمرِ - ثُمَّ قامَ ودَخَلَ الطَّوافَ ، فَما بَقِيَ مِنّا أحَدٌ إلّا وقَد اُلهِمَ ما ذَكَرَهُ مِنَ الدُّعاءِ واُنسينا أن نَتَذاكَرَ أمرَهُ إلّا في آخِرِ يَومٍ .
فَقالَ لَنا أبو عَلِيٍّ المَحمودِيُّ : يا قَومِ ، أتَعرِفونَ هذا ؟ هذا وَاللَّهِ صاحِبُ زَمانِكُم ، فَقُلنا : وكَيفَ عَلِمتَ يا أبا عَلِيٍّ ؟ فَذَكَرَ أنَّهُ مَكَثَ سَبعَ سِنينَ يَدعو رَبَّهُ ويَسأَ لُهُ مُعايَنَةَ