>

163
کنز الدعاء المجلد الاول

يا مَن لا يَزيدُهُ كَثرَةُ الدُّعاءِ ۱ إلّا سَعَةً وعَطاءً ، يا مَن لا تَنفَدُ خَزائِنُهُ ، يا مَن لَهُ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالأَرضِ ، يا مَن لَهُ خَزائِنُ ما دَقَّ وجَلَّ ، لا تَمنَعُكَ إساءَتي مِن إحسانِكَ أن ۲ تَفعَلُ بِيَ الَّذي أنتَ أهلُهُ ، فَإِنَّكَ أنتَ أهلُ الكَرَمِ وَالجودِ ، وَالعَفوِ وَالتَّجاوُزِ ، يا رَبِّ يا اللَّهُ لا تَفعَل بِيَ الَّذي أنَا أهلُهُ ، فَإِنّي أهلُ العُقوبَةِ وقَدِ استَحقَقتُها ، لا حُجَّةَ لي ولا عُذرَ لي عِندَكَ ، أبوءُ لَكَ بِذُنوبي كُلِّها وأَعتَرِفُ بِها كَي تَعفُوَ عَنّي ، وأَنتَ أعلَمُ بِها مِنّي ، أبوءُ لَكَ بِكُلِّ ذَنبٍ أذنَبتُهُ ، وكُلِّ خَطيئَةٍ احتَمَلتُها ، وكُلِّ سَيِّئَةٍ عَمِلتُها ، رَبِّ اغفِر وَارحَم ، وتَجاوَز عَمّا تَعلَمُ ، إنَّكَ أنتَ الأَعَزُّ الأَكرَمُ .
وقامَ ودَخَلَ الطَّوافَ ، فَقُمنا لِقِيامِهِ ، وعادَ مِنَ الغَدِ في ذلِكَ الوَقتِ ، فَقُمنا لِإِقبالِهِ كَفِعلِنا فيما مَضى‏ ، فَجَلَسَ مُتَوَسِّطاً ونَظَرَ يَميناً وشِمالاً ، فَقالَ : كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ سَيِّدُ العابِدينَ عليه السلام يَقولُ في سُجودِهِ ، في هذَا المَوضِعِ - وأَشارَ بِيَدِهِ إلَى الحِجرِ تَحتَ الميزابِ - :
عُبَيدُكَ بِفِنائِكَ ، مِسكينُكَ بِفِنائِكَ ، فَقيرُكَ بِفِنائِكَ ، سائِلُكَ بِفِنائِكَ ، يَسأَ لُكَ ما لا يَقدِرُ عَلَيهِ غَيرُكَ .
ثُمَّ نَظَرَ يَميناً وشِمالاً ، ونَظَرَ إلى‏ مُحَمَّدِ بنِ القاسِمِ مِن بَينِنا ، فَقالَ : يا مُحَمَّدَ بنَ القاسِمِ ، أنتَ عَلى‏ خَيرٍ إن شاءَ اللَّهُ تَعالى‏ - وكانَ مُحَمَّدُ بنُ القاسِمِ يَقولُ بِهذَا الأَمرِ - ثُمَّ قامَ ودَخَلَ الطَّوافَ ، فَما بَقِيَ مِنّا أحَدٌ إلّا وقَد اُلهِمَ ما ذَكَرَهُ مِنَ الدُّعاءِ واُنسينا أن نَتَذاكَرَ أمرَهُ إلّا في آخِرِ يَومٍ .
فَقالَ لَنا أبو عَلِيٍّ المَحمودِيُّ : يا قَومِ ، أتَعرِفونَ هذا ؟ هذا وَاللَّهِ صاحِبُ زَمانِكُم ، فَقُلنا : وكَيفَ عَلِمتَ يا أبا عَلِيٍّ ؟ فَذَكَرَ أنَّهُ مَكَثَ سَبعَ سِنينَ يَدعو رَبَّهُ ويَسأَ لُهُ مُعايَنَةَ

1.في فلاح السائل : «العطاء» بدل «الدعاء» . هذا وزاد في دلائل الإمامة ونزهة الناظر في أوّل الدّعاء : «يا من لا يزيده إلحاح الملحّين إلّا جوداً وكرماً» .

2.في المصدر : «أنت» بدل «أن» وما أثبتناه من المصادر الاُخرى‏ .


کنز الدعاء المجلد الاول
162

اللَّهُمَّ إنّي أسأَ لُكَ بِاسمِكَ الَّذي بِهِ تَقومُ السَّماءُ ، وبِهِ تَقومُ الأَرضُ ، وبِهِ تُفَرِّقُ بَينَ الحَقِّ وَالباطِلِ ، وبِهِ تَجمَعُ بَينَ المُتَفَرِّقِ ، وبِهِ تُفَرِّقُ بَينَ المُجتَمِعِ ، وبِهِ أحصَيتَ عَدَدَ الرِّمالِ ، وزِنَةَ الجِبالِ ، وكَيلَ البِحارِ ، أن تُصَلِّيَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وأَن تَجعَلَ لي مِن أمري فَرَجاً .
ثُمَّ نَهَضَ ودَخَلَ الطَّوافَ فَقُمنا لِقِيامِهِ حَتَّى انصَرَفَ ، واُنسينا أن نَذكُرَ أمرَهُ ، وأَن نَقولَ مَن هُوَ ؟ وأَيُّ شَي‏ءٍ هُوَ ؟ إلَى الغَدِ فى ذلِكَ الوَقتِ ، فَخَرَجَ عَلَينا مِنَ الطَّوافِ ، فَقُمنا لَهُ كَقِيامِنا بِالأَمسِ ، وجَلَسَ في مَجلِسِهِ مُتَوَسِّطاً ، فَنَظَرَ يَميناً وشِمالاً وقالَ : أتَدرونَ ما كانَ يَقولُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام بَعدَ صَلاةِ الفَريضَةِ ؟ فَقُلنا : وما كانَ يَقولُ ؟ قالَ : كانَ يَقولُ :
إلَيكَ رُفِعَتِ الأَصواتُ ودُعِيَتِ الدَّعَواتُ ، ولَكَ عَنَتِ الوُجوهُ ، ولَكَ خَضَعَتِ ۱ الرِّقابُ ، وإلَيكَ التَّحاكُمُ فِي الأَعمالِ ، يا خَيرَ مَن سُئِلَ ، ويا خَيرَ مَن أعطى‏ ، يا صادِقُ يا بارِئُ ، يا مَن لا يُخلِفُ الميعادَ ، يا مَن أمَرَ بِالدُّعاءِ ووَعَدَ بِالإِجابَةِ ، يا مَن قَالَ : (ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ)۲ ، يا مَن قَالَ : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)۳ ، ويا مَن قَالَ : (يَعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)۴لَبَّيكَ وسَعدَيكَ ، ها أنَا ذا بَينَ يَدَيكَ المُسرِفُ ، وأَنتَ القائِلُ : (لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا).
ثُمَّ نَظَرَ يَميناً وشِمالاً بَعدَ هذَا الدُّعاءِ ، فَقالَ : أتَدرونَ ما كانَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام يَقولُ فى سَجدَةِ الشُّكرِ ؟ فَقُلنا : وما كانَ يَقولُ ؟ قالَ : كانَ يَقولُ :

1.في المصدر : «وضعت» ، وما أثبتناه من المصادر الاُخرى‏ .

2.غافر : ۶۰ .

3.البقره : ۱۸۶ .

4.الزمر : ۵۳ .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
تعداد بازدید : 76988
صفحه از 579
پرینت  ارسال به