رَقَبَتي خاضِعَةٌ بَينَ يَدَيكَ لِما جَنَيتُ عَلى نَفسي ، أيا حُبَّةَ قَلبي تَقَطَّعَت مِنّي أسبابُ الخَدائِعِ ، وَاضمَحَلَّ عَنّي كُلُّ باطِلٍ ، وأَسلَمَنِي الخَلقُ ، وأَفرَدَنِي الدَّهرُ ، فَقُمتُ هذَا المَقامَ ، ولَولا ما مَنَنتَ بِهِ عَلَيَّ يا سَيِّدي ، ما قَدَرتُ عَلى ذلِكَ .
اللَّهُمَّ فَكُن غافِراً لِذَنبي ، وراحِماً لِضَعفي ، وعافِياً عَنّي ، فَما أولاكَ بِحُسنِ النَّظَرِ لي ، وبِعِتقي إذ مَلَكتَ رِقّي ، وبِالعَفوِ عَنّي إذ قَدَرتَ عَلَى الاِنتِقامِ مِنّي .
إلهي وسَيِّدي ! أتُراكَ راحِماً تَضَرُّعي ، وناظِراً ذُلَّ مَوقِفي بَينَ يَدَيكَ ، ووَحشَتي مِنَ النّاسِ ، واُنسي بِكَ يا كَريمُ ؟ لَيتَ شِعري أفي غَفَلاتي مُعرِضٌ أنتَ عَنّي ، أم ناظِرٌ إلَيَّ ؟ بَل لَيتَ شِعري كَيفَ أنتَ صانِعٌ بي ولا أشعُرُ ، أتَقولُ - يا مَولايَ - لِدُعائي : نَعَم ، أم تَقولُ : لا ؟
فَإِن قُلتَ : نَعَم ، فَذلِكَ ظَنّي بِكَ ، فَطوبى لي أنَا السَّعيدُ ، طوبى لي أنَا المَغبوطُ ، طوبى لي أنَا الغَنِيُّ ، طوبى لي أنَا المَرحومُ ، طوبى لي أنَا المَقبولُ .
وإن قُلتَ يا مَولايَ - وأَعوذُ بِكَ - : لا ، فَبِغَيرِ ذلِكَ مَنَّتني نَفسي ، فَيا وَيلي ويا عَويلي ، ويا شِقوَتي ويا ذُلّي ، ويا خَيبَةَ أمَلي ، ويا اِنقِطاعَ أجَلي ! لَيتَ شِعري ، ألِلشَّقاءِ وَلَدَتني اُمّي ؟ فَلَيتَها لَم تَلِدني ، بَل لَيتَ شِعري ، ألِلنّارِ رَبَّتني ؟ فَلَيتَها لَم تُرَبِّني .
إلهي ! ما أعظَمَ مَا ابتَلَيتَني بِهِ ، وأَجَلَّ مُصيبَتي ، وأَخيَبَ دُعائي ، وأَقطَعَ رَجائي ، وأَدوَمَ شَقائي إن لَم تَرحَمني .
إلهي ! لَئِن لَم تَرحَم عَبدَكَ ، ومِسكينَكَ وفَقيرَكَ ، وسائِلَكَ وراجِيَكَ ، فَإِلى مَن ، أو كَيفَ ، أو ماذا ، أو مَن أرجو أن يَعودَ عَلَيَّ حينَ تَرفُضُني ؟ يا واسِعَ المَغفِرَةِ ، إلهي ! فَلا تَمنَعُكَ كَثرَةُ ذُنوبي ، وخَطاياي ومَعاصِيَّ ، وإسرافي عَلى نَفسي ، وَاجتِرائي عَلَيكَ ، ودُخولي فيما حَرَّمتَ عَلَيَّ أن تَعودَ بِرَحمَتِكَ عَلى مَسكَنَتي ، وبِصَفحِكَ الجَميلِ عَلى إساءَتي ، وبِغُفرانِكَ القَديمِ عَلى عَظيمِ جُرمي ، فَإِنَّكَ تَعفو عَنِ المُسيءِ ، وأَ نَا - يا سَيِّدِي -