وسَعدَيكَ ، وَالخَيرُ في يَدَيكَ ، أنَا يا سَيِّدِي المُسرِفُ عَلى نَفسي ، قَد وَقَفتُ مَوقِفَ الأَذِلّاءِ المُذنِبينَ العاصينَ المُتَجَرِّئينَ عَلَيكَ ، المُستَخِفّينَ بِوَعدِكَ ووَعيدِكَ ، اللّاهينَ عَن طاعَتِكَ وطاعَةِ رَسولِكَ ، فَأَيَّ جُرأَةٍ اجتَرَأتُ عَلَيكَ ! وأَيَّ تَغَرُّرٍ غَرَّرتُ بِنَفسي ! فَأَنَا المُقِرُّ بِذَنبِي ، المُرتَهَنُ بِعَمَلِي ، المُتَحَيِّرُ عَن قَصدِي ، المُتَهَوِّرُ في خَطيئَتِي ، الغَريقُ في بُحورِ ذُنوبِي ، المُنقَطَعُ بي ، لا أجِدُ لِذُنوبي غافِراً ، ولا لِتَوبَتي قابِلاً ، ولا لِنِدائي سامِعاً ، ولا لِعَثرَتي مُقيلاً ، ولا لِعَورَتي ساتِراً ، ولا لِدُعائي مُجيباً غَيرَكَ .
يا سَيِّدي ، فَلا تَحرِمني ما جُدتَ بِهِ عَلى مَن أسرَفَ عَلى نَفسِهِ وعَصاكَ ثُمَّ تَرَضّاكَ ، ولا تُهلِكني إن عُذتُ بِكَ ولُذتُ ، وأَنَختُ بِفِنائِكَ وَاستَجَرتُ بِكَ . إن دَعوَتُكَ يا مَولايَ فَبِذلِكَ أمَرتَني وأَنتَ ضَمِنتَ لي ، وإن سَأَلتُكَ فَأَعطِني ، وإن طَلَبتُ مِنكَ فَلا تَحرِمني .
إلهِي ! اغفِر لي وتُب عَلَيَّ وَارضَ عَنّي ، وإن لَم تَرضَ عَنّي فَاعفُ عَنّي ، فَقَد لا يَرضَى المَولى عَن عَبدِهِ ثُمَّ يَعفو عَنهُ . لَيسَ تُشبِهُ مَسأَلَتي مَسأَلَةَ السُّؤّالِ ، لِأَنَّ السّائِلَ إذا سَأَلَ ورُدَّ ومُنِعَ امتَنَعَ ورَجَعَ ، وأَ نَا أسأَ لُكَ واُلِحُّ عَلَيكَ بِكَرَمِكَ وجودِكَ وجَنابِكَ ، مِن رَدِّ سائِلٍ مُستَعطٍ يَتَعَرَّضُ لِمَعروفِكَ ، ويَلتَمِسُ صَدَقَتَكَ ، ويُنيخُ بِفِنائِكَ ، ويَطرُقُ بابَكَ . وعِزَّتِكَ وجَلالِكَ - يا سَيِّدي - لَو طَبَّقَت ذُنوبي بَينَ السَّماءِ وَالأَرضِ ، وخَرَقَتِ النُّجومَ ، وبَلَغَت أسفَلَ الثَّرى ، وجاوَزَتِ الأَرَضينَ السّابِعَةَ السُّفلى ، وأَوفَت عَلَى الرَّملِ وَالحَصى ، ما رَدَّنِي اليَأسُ عَن تَوَقُّعِ غُفرانِكَ ، ولا صَرَفَنِي القُنوطُ ۱ عَنِ انتِظارِ رِضوانِكَ .
إلهي وسَيِّدي ! دَلَلتَني عَلى سُؤالِ الجَنَّةِ ، وعَرَّفتَني فيهَا الوَسيلَةَ إلَيكَ ، وأَ نَا أتَوَسَّلُ إلَيكَ بِتِلكَ الوَسيلَةِ مُحَمَّدٍ وآلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِم أجمَعينَ ، أفَتَدُلُّ عَلى خَيرِكَ ونَوالِكَ السُّؤّالَ ، ثُمَّ تَمنَعُهُم وأَنتَ الكَريمُ المَحمودُ في كُلِّ الأَفعالِ ، كَلّا وعِزَّتِكَ يا مَولايَ ، إنَّكَ أكرَمُ مِن ذلِكَ وأَوسَعُ فَضلاً .