>

213
کنز الدعاء المجلد الاول

وسَعدَيكَ ، وَالخَيرُ في يَدَيكَ ، أنَا يا سَيِّدِي المُسرِفُ عَلى‏ نَفسي ، قَد وَقَفتُ مَوقِفَ الأَذِلّاءِ المُذنِبينَ العاصينَ المُتَجَرِّئينَ عَلَيكَ ، المُستَخِفّينَ بِوَعدِكَ ووَعيدِكَ ، اللّاهينَ عَن طاعَتِكَ وطاعَةِ رَسولِكَ ، فَأَيَّ جُرأَةٍ اجتَرَأتُ عَلَيكَ ! وأَيَّ تَغَرُّرٍ غَرَّرتُ بِنَفسي ! فَأَنَا المُقِرُّ بِذَنبِي ، المُرتَهَنُ بِعَمَلِي ، المُتَحَيِّرُ عَن قَصدِي ، المُتَهَوِّرُ في خَطيئَتِي ، الغَريقُ في بُحورِ ذُنوبِي ، المُنقَطَعُ بي ، لا أجِدُ لِذُنوبي غافِراً ، ولا لِتَوبَتي قابِلاً ، ولا لِنِدائي سامِعاً ، ولا لِعَثرَتي مُقيلاً ، ولا لِعَورَتي ساتِراً ، ولا لِدُعائي مُجيباً غَيرَكَ .
يا سَيِّدي ، فَلا تَحرِمني ما جُدتَ بِهِ عَلى‏ مَن أسرَفَ عَلى‏ نَفسِهِ وعَصاكَ ثُمَّ تَرَضّاكَ ، ولا تُهلِكني إن عُذتُ بِكَ ولُذتُ ، وأَنَختُ بِفِنائِكَ وَاستَجَرتُ بِكَ . إن دَعوَتُكَ يا مَولايَ فَبِذلِكَ أمَرتَني وأَنتَ ضَمِنتَ لي ، وإن سَأَلتُكَ فَأَعطِني ، وإن طَلَبتُ مِنكَ فَلا تَحرِمني .
إلهِي ! اغفِر لي وتُب عَلَيَّ وَارضَ عَنّي ، وإن لَم تَرضَ عَنّي فَاعفُ عَنّي ، فَقَد لا يَرضَى المَولى‏ عَن عَبدِهِ ثُمَّ يَعفو عَنهُ . لَيسَ تُشبِهُ مَسأَلَتي مَسأَلَةَ السُّؤّالِ ، لِأَنَّ السّائِلَ إذا سَأَلَ ورُدَّ ومُنِعَ امتَنَعَ ورَجَعَ ، وأَ نَا أسأَ لُكَ واُلِحُّ عَلَيكَ بِكَرَمِكَ وجودِكَ وجَنابِكَ ، مِن رَدِّ سائِلٍ مُستَعطٍ يَتَعَرَّضُ لِمَعروفِكَ ، ويَلتَمِسُ صَدَقَتَكَ ، ويُنيخُ بِفِنائِكَ ، ويَطرُقُ بابَكَ . وعِزَّتِكَ وجَلالِكَ - يا سَيِّدي - لَو طَبَّقَت ذُنوبي بَينَ السَّماءِ وَالأَرضِ ، وخَرَقَتِ النُّجومَ ، وبَلَغَت أسفَلَ الثَّرى‏ ، وجاوَزَتِ الأَرَضينَ السّابِعَةَ السُّفلى‏ ، وأَوفَت عَلَى الرَّملِ وَالحَصى‏ ، ما رَدَّنِي اليَأسُ عَن تَوَقُّعِ غُفرانِكَ ، ولا صَرَفَنِي القُنوطُ ۱ عَنِ انتِظارِ رِضوانِكَ .
إلهي وسَيِّدي ! دَلَلتَني عَلى‏ سُؤالِ الجَنَّةِ ، وعَرَّفتَني فيهَا الوَسيلَةَ إلَيكَ ، وأَ نَا أتَوَسَّلُ إلَيكَ بِتِلكَ الوَسيلَةِ مُحَمَّدٍ وآلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِم أجمَعينَ ، أفَتَدُلُّ عَلى‏ خَيرِكَ ونَوالِكَ السُّؤّالَ ، ثُمَّ تَمنَعُهُم وأَنتَ الكَريمُ المَحمودُ في كُلِّ الأَفعالِ ، كَلّا وعِزَّتِكَ يا مَولايَ ، إنَّكَ أكرَمُ مِن ذلِكَ وأَوسَعُ فَضلاً .

1.القنوط : هو أشدّ اليأس من الشي‏ء (النهاية : ج ۴ ص ۱۱۳ «قنط») .


کنز الدعاء المجلد الاول
212

المُسي‏ءُ ، وتَغفِرُ لِلمُذنِبِ ، وأَ نَا - يا سَيِّدِي - المُذنِبُ ، وتَتَجاوَزُ عَنِ المُخطِئِ ، وأَ نَا - يا سَيِّدي - مُخطِئٌ ، وتَرحَمُ المُسرِفَ ، وأَ نَا - يا سَيِّدي - مُسرِفٌ .
أي سَيِّدي ، أي سَيِّدي ، أي مَولايَ ، أي رَجائي ، أي مُتَرَحِّمُ ، أي مُتَرَئِّفُ ، أي مُتَعَطِّفُ ، أي مُتَحَنِّنُ ، أي مُتَمَلِّكُ ، أي مُتَجَبِّرُ ، أي مُتَسَلِّطُ ، لا عَمَلَ لي أرجو بِهِ نَجاحَ حاجَتي ، فَأَسأَ لُكَ بِاسمِكَ المَخزونِ المَكنونِ ، الطُّهرِ الطّاهِرِ المُطَهَّرِ ، الَّذي جَعَلتَهُ في ذلِكَ فَاستَقَرَّ في عِلمِكَ وغَيبِكَ فَلا يَخرُجُ مِنهُما أبَداً ، فَبِكَ يا رَبِّ أسأَ لُكَ ، وبِهِ وبِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ ، وبِأَخي نَبِيِّكَ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ ، وبِفاطِمَةَ الطّاهِرَةِ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ ، وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ سَيِّدَي شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ مِنَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، وبِالأَئِمَّةِ الصّادِقينَ الطّاهِرينَ ، الَّذينَ أوجَبتَ حُقوقَهُم ، وَافتَرَضتَ طاعَتَهُم وقَرَنتَها بِطاعَتِكَ عَلَى الخَلقِ أجمَعينَ ، فَلا شَي‏ءَ لي غَيرُ هذا ، ولا أجِدُ أمنَعَ لي مِنهُ .
اللَّهُمَّ إنَّكَ قُلتُ في مُحكَمِ كِتابِكَ النّاطِقِ ، عَلى‏ لِسانِ نَبِيِّكَ الصّادِقِ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وآلِهِ : (فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَ مَا يَتَضَرَّعُونَ)۱ فَها أنَا يا رَبِّ مُستَكينٌ مُتَضَرِّعٌ إلَيكَ ، عائِذٌ بِكَ ، مُتَوَكِّلٌ عَلَيكَ .
وقُلتَ يا سَيِّدي ومَولايَ : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا)۲ وأَ نَا يا سَيِّدي أستَغفِرُكَ وأَتوبُ وأَبوءُ بِذَنبي ، وأَعتَرِفُ بِخَطيئَتي ، وأَستَقيلُكَ عَثرَتي ، فَهَب لي ما أنتَ بِهِ خَبيرٌ .
وقُلتٌ جَلَّ ثَناؤُكَ وتَقَدَّسَت أسماؤُكَ : (يَعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)۳ فَلَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ

1.المؤمنون : ۷۶ .

2.النساء : ۶۴ .

3.الزمر : ۵۳ .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
تعداد بازدید : 78287
صفحه از 579
پرینت  ارسال به