>

279
کنز الدعاء المجلد الاول

سُبحانَهُ فَإِنَّهُ يَقولُ : وعِزَّتي وجَلالي ، لَاُقَطِّعَنَّ أمَلَ كُلِّ مَن يُؤَمِّلُ غَيري بِاليَأسِ ، ولَأَكسُوَنَّهُ ثَوبَ المَذَلَّةِ في النّاسِ ، ولَاُ بَعِّدَنَّهُ مِن قُربي ، ولَاُقَطِّعَنَّهُ عَن وَصلي ، ولَاُخمِلَنَّ ذِكرَهُ حينَ يَرعى‏ غَيري .
أيُؤَمِّلُ - وَيلَهُ - لِشَدائِدِهِ غَيري ، وكَشفُ الشَّدائِدِ بِيَدي ، ويَرجو سِوايَ وأَ نَا الحَيُّ الباقي ، ويَطرُقُ أبوابَ عِبادي وهِيَ مُغلَقَةٌ ويَترُكُ بابي وهُوَ مَفتوحٌ ؟ ! فَمَن ذَا الَّذي رَجاني لِكَثيرِ جُرمِهِ فَخَيَّبتُ رَجاءَهُ ؟ جَعَلتُ آمالَ عِبادي مُتَّصِلَةً بي ، وجَعَلتُ رَجاءَهُم مَذخوراً لَهُم عِندي ، ومَلَأتُ سَماواتي مِمَّن لا يَمَلُّ تَسبيحي ، وأَمَرتُ مَلائِكَتي ألّا يُغلِقُوا الأَبوابَ بَيني وبَينَ عِبادي .
ألَم يَعلَم مَن فَدَحَتهُ نائِبَةٌ مِن نَوائِبي أن لا يَملِكُ أحَدٌ كَشفَها إلّا بِإِذني ، فَلِمَ يُعرِضُ العَبدُ بِأَمَلِهِ عَنّي ، وقَد أعطَيتُهُ ما لَم يَسأَلني ، فَلَم يَسأَلني وسَأَلَ غَيري ؟ أفتَرَاني أبتَدِئُ خَلقي مِن غَيرِ مَسأَلَةٍ ، ثُمَّ اُسأَلُ فَلا اُجيبُ سائِلي ؟ أبَخيلٌ أنَا فَيُبَخِّلُني عَبدي ؟ أوَ لَيسَ الدُّنيا وَالآخِرَةُ لي ؟ أوَ لَيسَ الكَرَمُ وَالجودُ صِفَتي ؟ أوَ لَيسَ الفَضلُ وَالرَّحمَةُ بِيَدي ؟ أوَ لَيسَ الآمالُ لا تَنتَهي إلّا إلَيَّ ، فَمَن يَقطَعُها دوني ؟ وما عَسى‏ أن يُؤَمِّلَ المُؤَمِّلونَ مَن سِوايَ ؟ ! وعِزَّتي وجَلالي ، لَو جَمَعتُ آمالَ أهلِ الأَرضِ وَالسَّماءِ ثُمَّ أعطَيتُ كُلَّ واحِدٍ مِنهُم ، ما نَقَصَ مِن مُلكي بَعضُ عُضوِ الذَّرَّةِ ۱ ، وكَيفَ يَنقُصُ نائِلٌ أنَا أفَضتُهُ ؟ يا بُؤساً لِلقانِطينَ ۲ مِن رَحمَتي ، يا بُؤساً لِمَن عَصاني وتَوَثَّبَ عَلى‏ مَحارمي ، ولَم يُراقِبني ، وَاجتَرَأَ عَلَيَّ .
ثُمَّ قالَ عَلَيهِ وعَلى‏ آلِهِ السَّلامُ لي : يا نَوفُ ، اُدعُ بِهذَا الدُّعاءِ :
إلهي ! إن حَمِدتُكَ فَبِمَواهِبِكَ ، وإن مَجَّدتُكَ فَبِمُرادِكَ ، وإن قَدَّستُكَ فَبِقُوَّتِكَ ، وإن هَلَّلتُكَ فَبِقُدرَتِكَ ، وإن نَظَرتُ فَإِلى‏ رَحمَتِكَ ، وإن عَضَضتُ فَعَلى‏ نِعمَتِكَ .

1.الذّرّ : النمل الأحمر الصغير ، واحدتها ذرّة (النهاية : ج ۲ ص ۱۵۷ «ذرر») .

2.القُنوطُ : أشدّ اليأس (النهاية : ج ۴ ص ۱۱۳ «قنط») .


کنز الدعاء المجلد الاول
278

اللَّهُمَّ بِعِلمِكَ الغَيبَ ، وقُدرَتِكَ عَلَى الخَلقِ ، أحيِني ما عَلِمتَ الحَياةَ خَيراً لي ، وتَوَفَّني إذا عَلِمتَ الوَفاةَ خَيراً لي ، اللَّهُمَّ وأَسأَ لُكَ خَشيَتَكَ ۱ ، وأَسأَ لُكَ كَلِمَةَ الحُكمِ فِي الرِّضا وَالغَضَبِ ، وأَسأَ لُكَ القَصدَ فِي الفَقرِ وَالغِنى‏ ، وأَسأَ لُكَ نَعيماً لا يَبيدُ ، وأَسأَ لُكَ قُرَّةَ عَينٍ لا تَنقَطِعُ ، وأَسأَ لُكَ الرِّضا بَعدَ القَضاءِ ، وأَسأَ لُكَ بَردَ العَيشِ بَعدَ المَوتِ ، وأَسأَ لُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إلى‏ وَجهِكَ ، وَالشَّوقَ إلى‏ لِقائِكَ ، في غَيرِ ضَرّاءَ مُضِرَّةٍ ، ولا فِتنَةٍ مُضِلَّةٍ ، اللَّهُمَّ زَيِّنّا بِزينَةِ الإِيمانِ ، وَاجعَلنا هُداةً مُهتَدينَ . ۲

ب - دُعاءٌ عَلَّمَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام نَوفاً البُكالِيَ‏

۳۵۷.بحار الأنوار عن نوف البكالي : رَأَيتُ أميرَ المُؤمِنينَ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ مُوَلِّياً مُبادِراً ، فَقُلتُ : أينَ تُريدُ يا مَولايَ ؟
فَقالَ : دَعني يا نَوفُ ، إنَّ آمالي تُقَدِّمُني فِي المَحبوبِ . فَقُلتُ : يا مَولايَ وما آمالُكَ ؟
قالَ : قَد عَلِمَهَا المَأمولُ ، وَاستَغنَيتُ عَن تَبيينِها لِغَيرِهِ ، وكَفى‏ بِالعَبدِ أدَباً ألّا يُشرِكَ في نِعَمِهِ وإرَبِهِ ۳ غَيرَ رَبِّهِ ، فَقُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ إنّي خائِفٌ عَلى‏ نَفسي مِنَ الشَّرَهِ ۴ ، وَالتَّطَلُّعِ إلى‏ طَمَعٍ مِن أطماعِ الدُّنيا .
فَقالَ لي : وأَينَ أنتَ عَن عِصمَةِ الخائِفينَ ، وكَهفِ العارِفينَ ؟ ! فَقُلتُ : دُلَّني عَلَيهِ .
قالَ : اللَّهُ العَلِيُّ العَظيمُ ؛ تَصِلُ أمَلَكَ بِحُسنِ تَفَضُّلِهِ ، وتُقبِلُ عَلَيهِ بِهَمِّكَ ، وأَعرِض عَنِ النّازِلَةِ في قَلبِكَ ، فَإِن أجَّلَكَ بِها فَأَنَا الضّامِنُ مِن مَورِدِها ، وَانقَطِع إلَى اللَّهِ

1.زاد في المصدر هنا : «يَعني فِي الغَيبِ وَالشَّهادَةِ» ، هذا وفي المصادر الاُخرى‏ : «... خشيتك في الغيب والشهادة» .

2.السنن الكبرى للنسائي : ج ۱ ص ۳۸۸ ح ۱۲۲۸ و ۱۲۲۹ ، مسند ابن حنبل : ج‏۶ ص‏۳۶۶ ح‏۱۸۳۵۳، المستدرك على الصحيحين : ج ۱ ص ۷۰۵ ح ۱۹۲۳ ، الدعاء للطبراني : ص ۲۰۰ ح ۶۲۵ كلّها نحوه ، كنز العمّال : ج ۲ ص ۱۷۴ ح ۳۶۱۱ .

3.أرِبَ يأربُ : إذا احتاج (النهاية : ج ۱ ص ۳۵ «أرب») .

4.الشّرهُ : أسوأ الحرص (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۵۰۶ «شره») .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
تعداد بازدید : 76915
صفحه از 579
پرینت  ارسال به