>

281
کنز الدعاء المجلد الاول

عَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ قَديرٌ .
إلهي ! أسأَ لُكَ - مَسأَلَةَ مَن يَعرِفُكَ كُنهَ مَعرِفَتِكَ - مِن كُلِّ خَيرٍ يَنبَغي لِلمُؤمِنِ أن يَسلُكَهُ ، وأَعوذُ بِكَ مِن كُلِّ شَرٍّ وفِتنَةٍ أعَذتَ بِها أحِبّاءَكَ مِن خَلقِكَ ، إنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ قَديرٌ .
إلهي ! أسأَ لُكَ مَسأَلَةَ المِسكينِ الَّذي قَد تَحَيَّرَ في رَجاهُ ، فَلا يَجِدُ مَلجَأً ولا مَسنَداً يَصِلُ بِهِ إلَيكَ ، ولا يَستَدِلُّ بِهِ عَلَيكَ إلّا بِكَ ، وبِأَركانِكَ ومَقاماتِكَ الَّتي لا تَعطيلَ لَها مِنكَ ، فَأَسأَ لُكَ بِاسمِكَ الَّذي ظَهَرتَ بِهِ لِخاصَّةِ أولِيائِكَ ، فَوَحَّدوكَ وعَرَفوكَ فَعَبَدوكَ بِحَقيقَتِكَ ، أن تُعَرِّفَني نَفسَكَ ، لِاُقِرَّ لَكَ بِرُبوبِيَّتِكَ عَلى‏ حَقيقَةِ الإِيمانِ بِكَ ، ولا تَجعَلني يا إلهي ! مِمَّن يَعبُدُ الاِسمَ دونَ المَعنى‏ .
وَالحَظني بِلَحظَةٍ مِن لَحَظاتِكَ ، تُنَوِّرُ بِها قَلبي بِمَعرِفَتِكَ خاصَّةً ، ومَعرِفَةِ أولِيائِكَ ، إنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ قَديرٌ . ۱

ج - المُناجاةُ المَأثورَةُ عَنِ الإِمامِ زَينِ العابِدينَ عليه السلام

۳۵۸.الإمام زين العابدين عليه السلام- فِي المُناجاةِ المَعروفَةِ بِمُناجاةِ العارِفينَ -:
بِسمِ اللَّه الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، إلهي ! قَصُرَتِ الأَلسُنُ عَن بُلوغِ ثَنائِكَ كَما يَليقُ بِجَلالِكَ ، وعَجَزَتِ العُقولُ عَن إدراكِ كُنهِ ۲ جَمالِكَ ، وَانحَسَرَتِ الأَبصارُ دونَ النَّظَرِ إلى‏ سُبُحاتِ وَجهِكَ ، ولَم تَجعَل لِلخَلقِ طَريقاً إلى‏ مَعرِفَتِكَ إلّا بِالعَجزِ عَن مَعرِفَتِكَ .
إلهي ! فَاجعَلنا مِنَ الَّذينَ تَوَشَّحَت ۳ أشجارُ الشَّوقِ إلَيكَ في حَدائِقِ صُدورِهِم ، وأَخَذَت لَوعَةُ مَحَبَّتِكَ بِمَجامِعِ قُلوبِهِم ، فَهُم إلى‏ أوكارِ الأَفكارِ يَأوونَ ، وفي رِياضِ القُربِ

1.بحار الأنوار : ج ۹۴ ص ۹۴ ح ۱۲ نقلاً عن الكتاب العتيق الغروي .

2.كنه الشي‏ء : نهايته ، أو حقيقته (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۶۰۰ «كنه») .

3.تَرَسَّخَت (خ ل) .


کنز الدعاء المجلد الاول
280

إلهي ! إنَّهُ مَن لَم يَشغَلهُ الوُلوعُ بِذِكرِكَ ، ولَم يَزوِهِ ۱ السَّفَرُ بِقُربِكَ ، كانَت حَياتُهُ عَلَيهِ ميتَةً ، وميتَتُهُ عَلَيهِ حَسرَةً .
إلهي ! تَناهَت أبصارُ النّاظِرينَ إلَيكَ بِسَرائِرِ القُلوبِ ، وطالَعَت أصغَى السّامِعينَ لَكَ نَجِيّاتِ الصُّدورِ ، فَلَم يَلقَ أبصارَهُم رَدٌّ دونَ ما يُريدونُ ، هَتَكتَ بَينَكَ وبَينَهُم حُجُبَ الغَفلَةِ ، فَسَكَنوا في نورِكَ ، وتَنَفَّسوا بِرَوحِكَ ، فَصارَت قُلوبُهُم مَغارِسَ لِهَيبَتِكَ ۲ ، وأَبصارُهُم مَآكِفَ لِقُدرَتِكَ ، وقَرَّبتَ أرواحَهُم مِن قُدسِكَ ، فَجالَسُوا اسمَكَ بِوَقارِ المُجالَسَةِ وخُضوعِ المُخاطَبَةِ ، فَأَقبَلتَ إلَيهِم إقبالَ الشَّفيقِ ، وأَنصَتَّ لَهُم إنصاتَ الرَّفيقِ ، وأَجَبتَهُم إجاباتِ الأَحِبّاءِ ، وناجَيتَهُم مُناجاةَ الأَخِلّاءِ .
فَبَلِّغ بِيَ المَحَلَّ الَّذي إلَيهِ وَصَلوا ، وَانقُلني مِن ذِكري إلى‏ ذِكرِكَ ، ولا تَترُك بَيني وبَينَ مَلَكوتِ عِزِّكَ باباً إلّا فَتَحتَهُ ، ولا حِجاباً مِن حُجُبِ الغَفلَةِ إلّا هَتَكتَهُ ، حَتّى‏ تُقيمَ روحي بَينَ ضِياءِ عَرشِكَ ، وتَجعَلَ لَها مَقاماً نُصبَ نورِكَ ، إنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ قَديرٌ .
إلهي ! ما أوحَشَ طَريقاً لا يَكونُ رَفيقي فيهِ أمَلي فيكَ ! وأَبعَدَ سَفَراً لا يَكونُ رَجائي مِنهُ دَليلي مِنكَ ! خابَ مَنِ اعتَصَمَ بِحَبلِ غَيرِكَ ، وضَعُفَ رُكنُ مَنِ استَنَدَ إلى‏ غَيرِ رُكنِكَ .
فَيا مُعَلِّمَ مُؤَمِّليهِ الأَمَلَ فَيُذهِبُ عَنهُم كَآبَةَ الوَجَلِ ، لا تَحرِمني صالِحَ العَمَلِ ، وَاكلَأني ۳ كِلاءَةَ مَن فارَقَتهُ الحِيَلُ ، فَكَيفَ يَلحَقُ مُؤَمِّليكَ ذُلُّ الفَقرِ ، وأَنتَ الغَنِيُّ عَن مَضارِّ المُذنِبينَ .
إلهي ! وإنَّ كُلَّ حَلاوَةٍ مُنقَطِعَةٌ ، وحَلاوَةَ الإِيمانِ تَزدادُ حَلاوَتُهَا اتِّصالاً بِكَ .
إلهي ! وإنَّ قَلبي قَد بَسَطَ أمَلَهُ فيكَ ، فَأَذِقهُ مِن حَلاوَةِ بَسطِكَ إيّاهُ البُلوغَ لِما أمَّلَ ، إنَّكَ

1.زويت عنّي : أي صرفته عنّي (النهاية : ج ۲ ص ۳۲۰ «زوى») .

2.في الصحيفة العلوية الجامعة : «لِمَحَبَّتِكَ» .

3.الكلاءةُ : الحفظ والحراسة (النهاية : ج ۴ ص ۱۹۴ «كلأ») .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
تعداد بازدید : 76970
صفحه از 579
پرینت  ارسال به