>

363
کنز الدعاء المجلد الاول

قَد مَسَّني ، وَالفَقرُ قَد أذَلَّني ، وَالبَلاءُ قَد جاءَني .
فَإِن يَكُ ذلِكَ يا إلهي مِن سَخَطِكَ عَلَيَّ ، فَأَعوذُ بِحِلمِكَ مِن سَخَطِكَ يا مَولايَ ، وإن كُنتَ أرَدتَ أن تَبلُوَني فَقَد عَرَفتَ ضَعفي وقِلَّةَ حيلَتي ، إذ قُلتَ : ( إِنَّ الْإِنسَنَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَ إِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) .۱
وقُلتَ : ( فَأَمَّا الْإِنسَنُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَ نَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّى أَكْرَمَنِ * وَ أَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّى أَهَنَنِ)۲ .
وقُلتَ : ( إِنَّ الْإِنسَنَ لَيَطْغَى‏ * أَن رَّءَاهُ اسْتَغْنَى‏ )۳ .
وقُلتَ : ( وَ إِذَا مَسَّ الْإِنسَنَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى‏ ضُرٍّ مَّسَّهُ)۴ .
وقُلتَ : (وَ إِذَا مَسَّ الْإِنسَنَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِىَ مَا كَانَ يَدْعُواْ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ)۵ .
وقُلتَ : (وَ يَدْعُ الْإِنسَنُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَ كَانَ الْإِنسَنُ عَجُولًا)۶ .
وقُلتَ : (إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَنَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا)۷ .
صَدَقتَ وبَرَرتَ يا مَولايَ ، فَهذِهِ صِفاتِي الَّتي أعرِفُها مِن نَفسي ، قَد مَضَت بِقُدرَتِكَ فِيَّ ، غَيرَ أن وَعَدتَني مِنكَ وَعداً حَسَناً أن أدعُوَكَ فَتَستَجيبَ لي .
فَأَنَا أدعوكَ كَما أمَرتَني ، فَاستَجِب لي كَما وَعَدتَني ، وَاردُد عَلَيَّ نِعمَتَكَ ، وَانقُلني مِمّا

1.المعارج : ۱۹ - ۲۱ .

2.الفجر : ۱۵ و ۱۶ .

3.العلق : ۶ و ۷ .

4.يونس : ۱۲ .

5.الزمر : ۸ .

6.الاسراء : ۱۱ .

7.الشورى : ۴۸ .


کنز الدعاء المجلد الاول
362

وتُذِلَّ عِزَّهُ ، وتَكسِرَ جَبَروتَهُ ، وتُذِلَّ رَقَبَتَهُ ، وتَفسَخَ كِبرَهُ ، وتُؤمِنَني مِن جَميعِ ضَرِّهِ وشَرِّهِ وغَمزِهِ وهَمزِهِ ولَمزِهِ وحَسَدِهِ وعَداوَتِهِ وحَبائِلِهِ ومَصائِدِهِ ورَجِلِهِ وخَيلِهِ ۱ ، إنَّكَ عَزيزٌ قَديرٌ . ۲

۴۳۲.عنه عليه السلام- فِي الاِعتِرافِ وطَلَبِ مَزيدِ العافِيَةِ -:
رَبِّ إنَّكَ قَد حَسَّنتَ خَلقي ، وعَظَّمتَ عافِيَتي ، ووَسَّعتَ عَلَيَّ في رِزقِكَ ، ولَم تَزَل تَنقُلُني مِن نِعمَةٍ إلى‏ كَرامَةٍ ، ومِن كَرامَةٍ إلى‏ رِضاً تُجَدِّدُ لي ذلِكَ في لَيلي ونَهاري ، لا أعرِفُ غَيرَ ما أنَا فيهِ مِن عافِيَتِكَ يا مَولايَ ، حَتّى‏ ظَنَنتُ أنَّ ذلِكَ واجِبٌ عَلَيكَ لي ، وأَنَّهُ لا يَنبَغي لي أن أكونَ في غَيرِ مَرتَبَتي ، لِأَنّي لَم أذُق طَعمَ البَلاءِ فَأَجِدَ لَذَّةَ الرِّضا ، ولَم يُذلِلنِي الفَقرُ فَأَعرِفَ لَذَّةَ الغِنى‏ ، ولَم يُلهِنِي الخَوفُ فَأَعرِفَ فَضلَ الأَمنِ .
يا إلهي ! فَأَصبَحتُ وأَمسَيتُ في غَفلَةٍ مِمّا فيهِ غَيري مِمَّن هُوَ دوني ، نَكِرتُ آلاءَكَ ولَم أشكُر نَعماءَكَ ، ولَم أشُكَّ في أنَّ الَّذي أنَا فيهِ دائِمٌ غَيرُ زائِلٍ عَنّي ، ولا اُحَدِّثُ نَفسي بِانتِقالِ عافِيَةٍ ، ولا حُلولِ فَقرٍ ولا خَوفٍ ولا حُزنٍ في عاجِلِ دُنيايَ وفي آجِلِ آخِرَتي .
فَحالَ ذلِكَ بَيني وبَينَ التَّضَرُّعِ إلَيكَ في دَوامِ ذلِكَ لي مَعَ ما أمَرتَني بِهِ مِن شُكرِكَ ، ووَعَدتَني عَلَيهِ مِنَ المَزيدِ مِن لَدُنكَ ، فَسَهَوتُ ولَهَوتُ وغَفَلتُ وأَشِرتُ ۳ وبَطِرتُ وتَهاوَنتُ ، حَتّى‏ جاءَ التَّغَيُّرِ مَكانَ العافِيَةِ بِحُلولِ البَلاءِ ، ونَزَلَ الضُّرُّ مَنزِلَ الصِّحَّةِ بِأَنواعِ الأَذى‏ ، وأَقبَلَ الفَقرُ بِإِزالَةِ الغِنى‏ ، فَعَرَفتُ ما كُنتُ فيهِ لِلَّذي صِرتُ إلَيهِ ، فَسَأَلتُكَ مَسأَلَةَ مَن لا يَستَوجِبُ أن تَسمَعَ لَهُ دَعوَةً لِعَظيمِ ما كُنتُ فيهِ مِنَ الغَفلَةِ ، وطَلَبتُ طَلِبَةَ مَن لا يَستَحِقُّ نَجاحَ الطَّلِبَةِ لِلَّذي كُنتُ فيهِ مِنَ اللَّهوِ وَالغِرَّةِ ، وتَضَرَّعتُ تَضَرُّعَ مَن لا يَستَوجِبُ الرَّحمَةَ لِلَّذي كُنتُ فيهِ مِنَ الزَّهوِ وَالاِستِطالَةِ ، فَرَكَنتُ إلى‏ ما إلَيهِ صَيَّرتَني ، وإن كانَ الضُّرُّ

1.رجله وخيله : كناية عن أعوانه من كلّ راكبٍ وماشٍ .

2.الصحيفة السجادية : ص ۹۷ الدعاء ۲۳ .

3.الأشرُ : البَطَرُ ، وقيل : أشدّ البطر (النهاية : ج ۱ ص ۵۱ «أشر») .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
تعداد بازدید : 77083
صفحه از 579
پرینت  ارسال به