ما مَكَّنتَها تَحمَدُكَ بِما أنهَيتَ إلَيها ، وَالأَلسُنُ مُنبَسِطَةٌ بِما تُملي عَلَيها ، ولَكَ عَلى كُلِّ مَنِ استَعبَدتَ مِن خَلقِكَ ألّا يَمَلّوا مِن حَمدِكَ ، وإن قَصُرَتِ المَحامِدُ عَن شُكرِكَ عَلى ما أسدَيتَ إلَيها مِن نِعَمِكَ .
فَحَمِدَكَ بِمَبلَغِ طاقَةِ جُهدِهِمُ الحامِدونَ ، وَاعتَصَمَ بِرَجاءِ عَفوِكَ المُقَصِّرونَ ، وأَوجَسَ بِالرُّبوبِيَّةِ لَكَ الخائِفونَ ، وقَصَدَ بِالرَّغبَةِ إلَيكَ الطّالِبونَ ، وَانتَسَبَ إلى فَضلِكَ المُحسِنونَ ، وكُلٌّ يَتَفَيَّأُ في ظِلالِ تَأميلِ عَفوِكَ ، ويَتَضاءَلُ بِالذُّلِّ لِخَوفِكَ ، ويَعتَرِفُ بِالتَّقصيرِ في شُكرِكَ ، فَلَم يَمنَعكَ صُدوفُ مَن صَدَفَ ۱ عَن طاعَتِكَ ، ولا عُكوفُ مَن عَكَفَ عَلى مَعصِيَتِكَ ، أن أسبَغتَ عَلَيهِمُ النِّعَمَ ، وأَجزَلتَ لَهُمَ القِسَمَ ، وصَرَفتَ عَنهُمُ النِّقَمَ ، وخَوَّفتَهُم عَواقِبَ النَّدَمِ ، وضاعَفتَ لِمَن أحسَنَ ، وأَوجَبتَ عَلَى المُحسِنينَ شُكرَ تَوفيقِكَ لِلإِحسانِ ، وعَلَى المُسيءِ شُكرَ تَعَطُّفِكَ بِالاِمتِنانِ ، ووَعَدتَ مُحسِنَهُم بِالزِّيادَةِ فِي الإِحسانِ مِنكَ .
فَسُبحانَكَ تُثيبُ عَلى ما بَدؤُهُ مِنكَ ، وَانتِسابُهُ إلَيكَ ، وَالقُوَّةُ عَلَيهِ بِكَ ، وَالإِحسانُ فيهِ مِنكَ ، وَالتَّوَكُّلُ فِي التَّوفيقِ لَهُ عَلَيكَ ، فَلَكَ الحَمدُ حَمدَ مَن عَلِمَ أنَّ الحَمدَ لَكَ ، وأَنَّ بَدأَهُ مِنكَ ومَعادَهُ إلَيكَ ، حَمداً لا يَقصُرُ عَن بُلوغِ الرِّضا مِنكَ ، حَمدَ مَن قَصَدَكَ بِحَمدِهِ ، وَاستَحَقَّ المَزيدَ لَهُ مِنكَ في نِعَمِهِ ، ولَكَ مُؤَيِّداتٌ مِن عَونِكَ ، ورَحمَةٌ تَخُصُّ بِها مَن أحبَبتَ مِن خَلقِكَ ، وصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاخصُصنا مِن رَحمَتِكَ ومُؤَيِّداتِ لُطفِكَ ، بِأَوجَبِها لِلإِقالاتِ ، وأَعصَمِها مِنَ الإِضاعاتِ ، وأَنجاها مِنَ الهَلَكاتِ ، وأَرشَدِها إلَى الهِداياتِ ، وأَوقاها مِنَ الآفاتِ ، وأَوفَرِها مِنَ الحَسَناتِ ، وأَنزَلِها بِالبَرَكاتِ ، وأَزيَدِها فِي القِسَمِ ، وأَسبَغِها لِلنِّعَمِ ، وأَستَرِها لِلعُيوبِ ، وأَغفَرِها لِلذُّنوبِ ، إنَّكَ قَريبٌ مُجيبٌ .
فَصَلِّ عَلى خِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ ، وصَفوَتِكَ مِن بَرِيَّتِكَ ، وأَمينِكَ عَلى وَحيِكَ ، بِأَفضَلِ الصَّلَواتِ ، وبارِك عَلَيهِ بِأَفضَلِ البَرَكاتِ ، بِما بَلَّغَ عَنكَ مِنَ الرِّسالاتِ ، وصَدَعَ بِأَمرِكَ ،