>

85
کنز الدعاء المجلد الاول

ما مَكَّنتَها تَحمَدُكَ بِما أنهَيتَ إلَيها ، وَالأَلسُنُ مُنبَسِطَةٌ بِما تُملي عَلَيها ، ولَكَ عَلى‏ كُلِّ مَنِ استَعبَدتَ مِن خَلقِكَ ألّا يَمَلّوا مِن حَمدِكَ ، وإن قَصُرَتِ المَحامِدُ عَن شُكرِكَ عَلى‏ ما أسدَيتَ إلَيها مِن نِعَمِكَ .
فَحَمِدَكَ بِمَبلَغِ طاقَةِ جُهدِهِمُ الحامِدونَ ، وَاعتَصَمَ بِرَجاءِ عَفوِكَ المُقَصِّرونَ ، وأَوجَسَ بِالرُّبوبِيَّةِ لَكَ الخائِفونَ ، وقَصَدَ بِالرَّغبَةِ إلَيكَ الطّالِبونَ ، وَانتَسَبَ إلى‏ فَضلِكَ المُحسِنونَ ، وكُلٌّ يَتَفَيَّأُ في ظِلالِ تَأميلِ عَفوِكَ ، ويَتَضاءَلُ بِالذُّلِّ لِخَوفِكَ ، ويَعتَرِفُ بِالتَّقصيرِ في شُكرِكَ ، فَلَم يَمنَعكَ صُدوفُ مَن صَدَفَ ۱ عَن طاعَتِكَ ، ولا عُكوفُ مَن عَكَفَ عَلى‏ مَعصِيَتِكَ ، أن أسبَغتَ عَلَيهِمُ النِّعَمَ ، وأَجزَلتَ لَهُمَ القِسَمَ ، وصَرَفتَ عَنهُمُ النِّقَمَ ، وخَوَّفتَهُم عَواقِبَ النَّدَمِ ، وضاعَفتَ لِمَن أحسَنَ ، وأَوجَبتَ عَلَى المُحسِنينَ شُكرَ تَوفيقِكَ لِلإِحسانِ ، وعَلَى المُسي‏ءِ شُكرَ تَعَطُّفِكَ بِالاِمتِنانِ ، ووَعَدتَ مُحسِنَهُم بِالزِّيادَةِ فِي الإِحسانِ مِنكَ .
فَسُبحانَكَ تُثيبُ عَلى‏ ما بَدؤُهُ مِنكَ ، وَانتِسابُهُ إلَيكَ ، وَالقُوَّةُ عَلَيهِ بِكَ ، وَالإِحسانُ فيهِ مِنكَ ، وَالتَّوَكُّلُ فِي التَّوفيقِ لَهُ عَلَيكَ ، فَلَكَ الحَمدُ حَمدَ مَن عَلِمَ أنَّ الحَمدَ لَكَ ، وأَنَّ بَدأَهُ مِنكَ ومَعادَهُ إلَيكَ ، حَمداً لا يَقصُرُ عَن بُلوغِ الرِّضا مِنكَ ، حَمدَ مَن قَصَدَكَ بِحَمدِهِ ، وَاستَحَقَّ المَزيدَ لَهُ مِنكَ في نِعَمِهِ ، ولَكَ مُؤَيِّداتٌ مِن عَونِكَ ، ورَحمَةٌ تَخُصُّ بِها مَن أحبَبتَ مِن خَلقِكَ ، وصَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاخصُصنا مِن رَحمَتِكَ ومُؤَيِّداتِ لُطفِكَ ، بِأَوجَبِها لِلإِقالاتِ ، وأَعصَمِها مِنَ الإِضاعاتِ ، وأَنجاها مِنَ الهَلَكاتِ ، وأَرشَدِها إلَى الهِداياتِ ، وأَوقاها مِنَ الآفاتِ ، وأَوفَرِها مِنَ الحَسَناتِ ، وأَنزَلِها بِالبَرَكاتِ ، وأَزيَدِها فِي القِسَمِ ، وأَسبَغِها لِلنِّعَمِ ، وأَستَرِها لِلعُيوبِ ، وأَغفَرِها لِلذُّنوبِ ، إنَّكَ قَريبٌ مُجيبٌ .
فَصَلِّ عَلى‏ خِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ ، وصَفوَتِكَ مِن بَرِيَّتِكَ ، وأَمينِكَ عَلى‏ وَحيِكَ ، بِأَفضَلِ الصَّلَواتِ ، وبارِك عَلَيهِ بِأَفضَلِ البَرَكاتِ ، بِما بَلَّغَ عَنكَ مِنَ الرِّسالاتِ ، وصَدَعَ بِأَمرِكَ ،

1.صَدَفَ : أعرَضَ (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۰۱۷ «صدف») .


کنز الدعاء المجلد الاول
84

أتوبُ إلَيكَ مِن سوءِ عَمَلي ، وأَستَغفِرُكَ لِذُنوبِيَ الَّتي لا يَغفِرُها غَيرُكَ ، أصبَحَ ذُلّي مُستَجيراً بِعِزَّتِكَ ، وأَصبَحَ فَقري مُستَجيراً بِغِناكَ ، وأَصبَحَ جَهلي مُستَجيراً بِحِلمِكَ ، وأَصبَحَت قِلَّةُ حيلَتي مُستَجيرَةً ۱ بِقُدرَتِكَ ، وأَصبَحَ خَوفي مُستَجيراً بِأَمانِكَ ، وأَصبَحَ دائي مُستَجيراً بِدَوائِكَ ، وأَصبَحَ سُقمي مُستَجيراً بِشِفائِكَ ، وأَصبَحَ حيني مُستَجيراً بِقَضائِكَ ، وأَصبَحَ ضَعفي مُستَجيراً بِقُوَّتِكَ ، وأَصبَحَ ذَنبي مُستَجيراً بِمَغفِرَتِكَ ، وأَصبَحَ وَجهِيَ الفانِي البالي مُستَجيراً بِوَجهِكَ الباقِي الدّائِمِ الَّذي لا يَبلى‏ ولا يَفنى‏ .
يا مَن لا يُواريهِ لَيلٌ داجٍ ۲ ، ولا سَماءٌ ذاتُ أبراجٍ ، ولا حُجُبٌ ذاتُ إرتاجٍ ۳ ، ولا ماءٌ ثَجّاجٌ في قَعرِ بَحرٍ عَجّاجٍ ، يا دافِعَ السَّطَواتِ ، يا كاشِفَ الكُرُباتِ ، يا مُنزِلَ البَرَكاتِ مِن فَوقِ سَبعِ سَماواتٍ ، أسأَ لُكَ يا فَتّاحُ يا نَفّاحُ يا مُرتاحُ ، يا مَن بِيَدِهِ خَزائِنُ كُلِّ مِفتاحٍ ، أن تُصَلِّيَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ الطّاهِرينَ الطَّيِّبينَ ، وأَن تَفتَحَ لي مِن خَيرِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، وأَن تَحجُبَ عَنّي فِتنَةَ المُوَكَّلِ بي ، ولا تُسَلِّطهُ عَلَيَّ فَيُهلِكَني ، ولا تَكِلني إلى‏ أحَدٍ طَرفَةَ عَينٍ فَيَعجُزَ عَنّي ، ولا تَحرِمنِي الجَنَّةَ ، وَارحَمني وتَوَفَّني مُسلِماً وأَلحِقني بِالصّالِحينَ ، وَاكفِني بِالحَلالِ عَنِ الحَرامِ ، وَالطَّيِّبِ عَنِ الخَبيثِ ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .
اللَّهُمَّ خَلَقتَ القُلوبَ عَلى‏ إرادَتِكَ ، وفَطَرتَ العُقولَ عَلى‏ مَعرِفَتِكَ ، فَتَمَلمَلَتِ الأَفئِدَةُ مِن مَخافَتِكَ ، وصَرَخَتِ القُلوبُ بِالوَلَهِ [إلَيكَ‏] ۴ ، وتَقاصَرَ وُسعُ قَدرِ العُقولِ عَنِ الثَّناءِ عَلَيكَ ، وَانقَطَعَتِ الأَلفاظُ عَن مِقدارِ مَحاسِنِكَ ، وكَلَّتِ الأَلسُنُ عَن إحصاءِ نِعَمِكَ ، فَإِذا وَلَجَت بِطُرُقِ البَحثِ عَن نَعتِكَ بَهَرَتها حَيرَةُ العَجزِ عَن إدراكِ وَصفِكَ ، فَهِيَ تَرَدَّدُ فِي التَّقصيرِ عَن مُجاوَزَةِ ما حَدَّدتَ لَها ، إذ لَيسَ لَها أن تَتَجاوَزَ ما أمَرتَها ، فَهِيَ بِالاِقتِدارِ عَلى‏

1.في الطبعة المعتمدة : «مستجيراً» ، والتصويب من طبعة مؤسسة الأعلمي وبحار الأنوار .

2.دجا الليلُ : إذا تمّت ظُلمتُه (النهاية : ج ۲ ص ۱۰۲ «دجا») .

3.في المصدر : «أتراج» ، وهو تصحيف إرتاج . والإرتاج : مصدر أرتَجَ ؛ أي أغلَقَ .

4.ما بين المعقوفين أثبتناه من البلد الأمين .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
تعداد بازدید : 76963
صفحه از 579
پرینت  ارسال به