>

93
کنز الدعاء المجلد الاول

إلهي ! كَرُمتَ فَأَكرِمني إذ كُنتُ مِن سُؤّالِكَ ، وجُدتَ بِالمَعروفِ فَاخلِطني بِأَهلِ نَوالِكَ .
إلهي ! أصبَحتُ عَلى‏ بابٍ مِن أبوابِ مِنَحِكَ سائِلاً ، وعَنِ التَّعَرُّضِ لِسِواكَ بِالمَسأَلَةِ عادِلاً ، ولَيسَ مِن شَأنِكَ رَدُّ سائِلٍ مَلهوفٍ ، ومُضطَرٍّ لِاِنتِظارِ خَيرٍ مِنكَ مَألوفٍ .
إلهي ! أقَمتُ عَلى‏ قَنطَرَةِ الأَخطارِ مَبلُوّاً بِالأَعمالِ وَالاِختِبارِ ، إن لَم تُعِن عَلَيها بِتَخفيفِ الأَثقالِ وَالآصارِ ۱ .
إلهي ! أمِن أهلِ الشَّقاءِ خَلَقتَني فَاُطيلَ بُكائي ، أم مِن أهلِ السَّعادَةِ خَلَقتَني فَاُبَشِّرَ رَجائي ؟
إلهي ! إن حَرَمتَني رُؤيَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ ، وصَرَفتَ وَجهَ تَأميلي بِالخَيبَةِ في ذلِكَ المَقامِ ، فَغَيرَ ذلِكَ مَنَّتني نَفسي ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ وَالطَّولِ وَالإِنعامِ .
إلهي ! لَو لَم تَهدِني إلَى الإِسلامِ مَا اهتَدَيتُ ، ولَو لَم تَرزُقنِي الإِيمانَ بِكَ ما آمَنتُ ، ولَو لَم تُطلِق لِساني بِدُعائِكَ ما دَعَوتُ ، ولَو لَم تُعَرِّفني حَلاوَةَ مَعرِفَتِكَ ما عَرَفتُ .
إلهي ! إن أقعَدَنِي التَّخَلُّفُ عَنِ السَّبقِ مَعَ الأَبرارِ فَقَد أقامَتنِي الثِّقَةُ بِكَ عَلى‏ مَدارِجِ الأَخيارِ .
إلهي ! قَلبٌ حَشَوتَهُ مِن مَحَبَّتِكَ في دارِ الدُّنيا ، كَيفَ تُسَلِّطُ عَليهِ ناراً تُحرِقُهُ في لَظى‏ .
إلهي ! كُلُّ مَكروبٍ إلَيكَ يَلتَجي وكُلُّ مَحرومٍ لَكَ يَرتَجي .
إلهي ! سَمِعَ العابِدونَ بِجَزيلِ ثَوابِكَ فَخَشَعوا ، وسَمِعَ المُزِلّونَ عَنِ القَصدِ بِجودِكَ فَرَجَعوا ، وسَمِعَ المُذنِبونَ بِسَعَةِ رَحمَتِكَ فَتَمَتَّعوا ، وسَمِعَ المُجرِمونَ بِكَرَمِ عَفوِكَ فَطَمِعوا ، حَتَّى ازدَحَمَت عَصائِبُ ۲ العُصاةِ مِن عِبادِكَ ، وعَجَّ إلَيكَ كُلٌّ مِنهُم عَجيجَ الضَّجيجِ بِالدُّعاءِ في بِلادِكَ ، ولِكُلٍّ أمَلٌ ساقَ صاحِبَهُ إلَيكَ وحاجَةٌ ، وأَنتَ المَسؤولُ الَّذي لا تَسوَدُّ

1.الإصْرُ : الإثم والعقوبة للغوه وتضييعه عمله (النهاية : ج ۱ ص ۵۲ «أصر») .

2.العصائب : جمع عصابة ، وهم الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين (النهاية : ج ۳ ص ۲۴۳ «عصب») .


کنز الدعاء المجلد الاول
92

إلهي ! إن كانَ صَغُرَ في جَنبِ طاعَتِكَ عَمَلي فَقَد كَبُرَ في جَنبِ رَجائِكَ أمَلي .
إلهي ! كَيفَ أنقَلِبُ بِالخَيبَةِ مِن عِندِكَ مَحروماً ، وكُلُّ ظَنّي بِجودِكَ أن تَقلِبَني بِالنَّجاةِ مَرحوماً ؟
إلهي ! لَم اُسَلِّط عَلى‏ حُسنِ ظَنّي بِكَ قُنوطَ الآيِسينَ ، فَلا تُبطِل صِدقَ رَجائي مِن بَينِ الآمِلينَ .
إلهي ! عَظُمَ جُرمي إذ كُنتَ المُطالِبَ بِهِ ، وكَبُرَ ذَنبي إذ كُنتَ المُبارَزَ بِهِ ، إلّا أنّي إذا ذَكَرتُ كِبَرَ ذَنبي ، وعِظَمَ عَفوِكَ وغُفرانِكَ ، وَجَدتُ الحاصِلَ بَينَهُما لي أقرَبَهُما إلى‏ رَحمَتِكَ ورِضوانِكَ .
إلهي ! إن دَعاني إلَى النّارِ مَخشِيُّ عِقابِكَ ، فَقَد ناداني إلَى الجَنَّةِ بِالرَّجاءِ حُسنُ ثَوابِكَ .
إلهي ! إن أوحَشَتنِي الخَطايا عَن مَحاسِنِ لُطفِكَ ، فَقَد آنَسَتني بِاليَقينِ مَكارِمُ عَفوِكَ .
إلهي ! إن أنامَتنِي الغَفلَةُ عَنِ الاِستِعدادِ لِلِقائِكَ ، فَقَد أنبَهَتنِي المَعرِفَةُ يا سَيِّدي بِكَرَمِ آلائِكَ .
إلهي ! إن عَزَبَ ۱ لُبّي ۲ ، عَن تَقويمِ ما يُصلِحُني ، فَما عَزَبَ إيقاني بِنَظَرِكَ إلَيَّ فيما يَنفَعُني .
إلهي ! إنِ انقَرَضَت بِغَيرِ ما أحبَبتَ مِنَ السَّعيِ أيّامي فَبِالإِيمانِ أمضَيتُ السّالِفاتِ مِن أعوامي .
إلهي ! جِئتُكَ مَلهوفاً ۳ ، وقَد اُلبِستُ عُدمَ فاقَتي ، وأَقامَني مَعَ الأَذِلّاءِ بَينَ يَدَيكَ ضُرُّ حاجَتي .

1.عَزَبَ : أي بعد عهده (النهاية : ج ۳ ص ۲۲۷ «عزب») .

2.اللُّبُّ : العقل (لسان العرب : ج ۱ ص ۷۳۰ «لبب») .

3.الملهوف : المظلوم يستغيث (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۲۹ «لهف») .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
تعداد بازدید : 76960
صفحه از 579
پرینت  ارسال به