الاستبصار في النص علي الأئمة الاطهار (ع) - صفحه 132

كلّنا يا رسول اللّه نعرفه غير أنّي من بينهم عارف بخبره واقف على أمره ، ثمّ أخذ ـ في صفة قسّ ونعت حكمته ، وعظاته من نظمه ونثره ـ إلى أن قال : كان قسّ يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ينتظر زمانك ويتوكّف إبّانك ، ويهتّف باسمك وأبيك واُمّك ، وبأسماء ليست أحسبها معك ولا أراها فيمن اتّبعك .
قال : الجارود : فقال لي سلمان الفارسي : أخبرنا .
فأنشأت اُحدّثهم ورسول اللّه صلى الله عليه و آله مستبشر يسمع والقوم سامعون واعون ، فقلت : يا رسول اللّه لقد شهدت قسّا وقد خرج من نادٍ من أندية إياد إلى ضحضح ذي قتادٍ وسمرٍ وعتادٍ ، وهو مشتمل بنجادٍ ، فوقف في أضحيان ، ليلٍ كالشمس رافعا إلى السماء وجهه ، فدنوت منه فسمعته يقول : اللّهمّ ربّ هذه السبعة الأرفعة ، والأرضين المربعة ۱ بمحمد والثلاثة المحامدة معه ، والعليّين الأربعة وسبطيه النبعة الأرفعة ، والسري الألمعة، وسميّ الكليم الضرعة ، أولئك النقباء الشفعة والطريق المهيعة ، دَرَسَةُ ۲ الإنجيل وحفظة التأويل ، على عدد النقباء من بني إسرائيل ، مُحاة الأضاليل نُفاة الأباطيل الصادقوا القيل عليهم تقوم الساعة ، وبهم
تنال الشفاعة ، ولهم من اللّه فرض الطاعة . ثمّ قال : اللّهمّ ليتني مدركهم ولو بعد لأيٍ من عمري ومحياي . ثمّ أنشاء يقول :

مَتَى أنا قَبْلَ المَوْتِ لِلحَقِّ مُدْرِكٌ وإِنْ كان لي مِن بَعْدِهاتيكَ مَهْلكُ
وإِنْ غالَني الدَّهْرُ الخَؤون بِغولِهِ فَقد غالَ مِن قَبْلِي ومِن بَعْد يُوشَكُ
فلا غَرْوَ أنّي سالِكٌ مَسْلَكَ الأُولَى وَشِيكا ومَن ذا للرَّدَى ليس يَسْلُكُ
ثمّ أَبَّ يُكفْكِفُ دمعهَ ويرنّ رنين البكرة وقد ترب بتراه وهو يقول :

أَقْسَمَ قَسٌ قَسَما لَيسَ بِهِ مُكْتَتِما لو عاشَ أَلْفَي عُمُرٍ لم يَلْقَ مِنها سَأَما
حَتّى يُلاقِي أَحْمَدا والنُّقَباء النُّجَبا هُم أَوْصياءُ أحمد أَكرم مَن تَحت السَّما
تَعْمَى العِبادُ عَنْهُم وَهْوَجَلاءٌ لِلعَمَى لَسْتُ بِناسٍ ذِكْرَهُم حَتّى أَحُلَ الرَّجَما
قال الجارود : ثمّ قلت : يا رسول اللّه أَنبئني ـ أنبأك اللّه الخير ما هذه الأسماء التي لم نشهدها وأشهدنا قسّ ذكرها .
فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يا جارود ، ليلة اُسري بي إلى السماء أوحى اللّه عزّوجلّ إليَّ : سل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا .
فقلت : على ما بعثتم ؟ قالوا : على نبوّتك ، وولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة منكما . ثمّ عرّفني اللّه تعالى بعدّتهم وبأسمائهم وذكرهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله للجارود واحدا واحدا إلى المهديّ صلوات اللّه عليهم .
وقال له : «قال لي ربّي تبارك وتعالى : هؤلاء أوليائي ، وهذا المنتقم من أعدائي» يعني المهديّ عليه السلام .
قال الجارود : فقال لي سلمان : يا جارود ، هؤلاء المذكورون في التوراة والإنجيل والزبور ، قال : فانصرفت بقومي وأنا أقول :

أَتَيْتُكَ يابنَ آمِنَة رَسُولاً لِكَي بِكَ أَهْتَدِي نَهْجَ السَّبِيلا
فَقُلْتَ فكانَ قَولُكَ قَوْلَ حَقٍّ وصِدْقٍ ما بدا لَك أَنْ تَقُولا

وبَصَّرْتَ العَمَى مِن عَبْد قيس۳وكلاًّ كان من عَمَهٍ ضَلِيلاً
وأَنْبأناكَ عن قَسّ الإيادِي مقالاً فيكَ ظلت به جَدِيلاً
وأَسماء عمت عنّا فآلَتْ إِلى عِلْمٍ وكنتُ بها جَهُولاً۴

1.في نسخة ط : الممرعة .

2.في نسخة ط بدل ورثة .

3.في نسخة ط : شمس .

4.مناقب آل أبي طالب ، ج ۱ ، ص ۲۸۷ و ۲۸۸ لابن شهرآشوب المتوفّى سنة ۵۸۸، كتابفروشى مصطفوى ـ قم.

صفحه از 134