شرح حديث رأس الجالوت - صفحه 245

و على الثّاني قوله تعالى «عَلَّمَهُ الْبَيان»۱ أي علّمه ما في فطرته المجبولة عليها من الكفر أو الإيمان، و جعله ظاهراً و مبيّناً فصار ناطقاً به. فالإغواء الذي ينسب إلى النّفس الأمّارة هو من الفطرة الأصليّة و الجبلّة الخلقيّة، و ما ينسب إلى الشيطان من الوسوسة و الإضلال هو من تعليم ۲ اللّه سبحانه.
قوله : «فلمّا سمع الرّضا عليه السلام» إلى قوله «مليّاً لم يُحِر» من باب الإفعال الأجوف الواويّ، من المحاورة بمعنى المجاوبة، لما فيها من مراجعة كلّ من المتحاورين القول وردّ الكلام، يقال : تحاور الرجلان : إذا ردّ كلّ منهما على صاحبه.
و نكت من ينكُت بضمّ الكاف : أي يفكّر ۳ و يحدّث نفسه. و نكت الأرض بالقضيب، و هو أن يخطّ بها خطّاً فيؤثّر فيها كالمفكّر المهموم.
و «أطرق» أي أرخى عينيه ينظر إلى الأرض. و في الصّحاح عن يعقوب : أطرق الرّجل إذا سكت فلم يتكلّم. ۴
و «مليّاً» : أي طويلاً.
و سكوته عليه السلام إمّا لإظهار التنفّر و التضجّر عن محاورته، استنكاراً عليه بمقالته المنافية لجميع الشرائع حتّى دين اليهود الذي هو منهم، و بتفسيره الآية الشريفة بخلاف ما أراد اللّه تطبيقاً لها برأيه الفاسد.
أو من باب المساكتة عن سؤال الجاهل و حمل سؤاله على ما يليق أن يصدر مثله عن سائل عاقل. ۵

1.سورة الرحمن، الآية ۳

2.من، ب:تعليم اللّه .

3.من، ب:يفكر .

4.الصحاح : تاج اللغة، ج ۴، ص ۱۵۱۵، دارالعلم للملايين، بيروت، لبنان.

5.من، الف: غافل.

صفحه از 254