دلائل الربوبيّة و أعطاهم القوى الإدراكيّة و المشاعر العقليّة الداعية إلى الإقرار بها، و صارت بها ذواتهم شهوداً و يسمعون بها خطاب «ألستُ بربّكم» كما يسمعون الخطاب في الدنيا بالقوى البدنيّة الحيوانيّة، و قالوا بألسنة تلك العقول : بلى أنت ربّنا.
و هذا الاستشهاد من جهة كراهة أن يقول الجاحدون يوم القيامة: «اِنّا كُنّا عَن هذا غافِلِين».۱
دلّت الآية على إقرار الجميع باقتضاء فطرتهم الأصليّة بالربوبيّة، و على إمكان خروجها عنها بالغفلة.
و نبّه بالثاني بقوله عليه السلام: «و ممن تقول» على عدم كون ما فهمه من الآية منقولاً عن اللّه المنزل للقرآن، و لا عن نبيّه المنزل به، ولا عن أوصيائه و أحبّائه، ۲ بل خلافه ثابت منهم.
ثمّ أشار بقول جالإمامج عليه السلام : «و لمن تقول» بأنّك مع قصورك و سوء فهمك، وعدم استناد ما فهمت إلى سند تحاجّ به عَلَيّ مع ما لي من معرفة معاني القرآن بجميع طرقها، فإنّي ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله المخاطب به وابن أوصيائه، و من أهل بيت النبوة و الرسالة، و خليفته بالحقّ و مخزن علمه و مستودع سرّه، و نحن أهل القرآن و أهل المعرفة بتفسيره و تأويله و ظاهره و باطنه أباً عن جدّ، فنقلك لنا ما نزل على جدّنا و أعطانا علومه فى المهد و كهلاً كنقل الكَمّون إلى كرمان.
ثمّ أكّد ذلك بقوله عليه السلام : «بينا أنت أنت صرنا نحن نحن» على طريق الاستفهام الإنكارى بحذف الأداة، تنبيهاً على ستره بأنّ علمهم ليس بمكتسب. يعني : هل
1.سورة الأعراف، الآية ۱۷۲
2.من، ب : أمنائه.