صرنا نحن متلبّسين بما نحن فيه من الصفات الكاملة و العلوم الفاضلة الموجودة فينا المشهورة الغنيّة عن البيان المستغنية عن التبيان، في زمان صيرورتك متلبّساً بما لك من كمالاتك الّتي تظنّها كمالاً؟! كلا، بل أنت اكتسبتها بتقدير أزمنة عمرك، و نحن على ما نحن فيه من بدء تولّدنا، بل نحن نحن قبل خلق الأرواح و الأبدان، و كان جدّنا صلى الله عليه و آله نبيّاً و آدم بين الماء و الطّين، السابقون السّابقون و نحن المقرّبون، حملة القران و أهل الذكر و اُولوا الأمر. فليس لك أن تقول : نطق بذلك كلام الرّحمن، مع أنّك لم تفهم معناه.
و عبّر ۱ عن نفسه الشّريفة بلفظ الجمع تنبيهاً على أنّ تلك الرّتبة الكاملة الأوّليّة، و الولاية الكليّة السابقة، مشتركة بيني و بين آبائي العظام، و نحن نورٌ واحدٌ من أصل فارد.
قوله عليه السلام : «و أمّا الجواب المفصّل فأقول : إن كنت الداري و الحمد للّه الباري» إلى قوله : «و هما المرجوّان».
لمّا أفحم اليهودي في الجواب الموجز بعدم ورود إيراده بالآية، هداه ثانياً في الجواب المفصّل إلى حقيقة الأمر في معنى الآية و دليل أصل المسألة و حيث إنّ من شرط تأثير الحقّ في قلب السامع تلبّسه بحالة الاستفهام و التهيّؤ للدراية و ترك المحاجّة، شَرَطَ عليه أن يكون من أهل الدراية و الفهم.
و بَدأ بحمد اللّه الباري؛ ليكون أوّل كلامه ردّاً على شبهة السّائل، لأنّ كلمة التحميد المعروفة في الألسنة و الأسماع الدّالة على استحقاقه تعالى للحمد كلّه. فتوصيفه بالباري المشعر بالعلّيّة يشهد بأن فعلَه مطلقاً ۲ ـ خصوصاً خلق ۳ الاشياء الذي منه