فإن قلت : [ كيف ] يدّعي هذان النحريران الإجماع على نجاسته مع أنّ المؤلّف وابن أبي عقيل ۱ . طاب ثراهما . قائلان بطهارته ، وهما من أعلام علمائنا؟
قلت : لعلّهما أرادا إجماع أهل عصرهما ۲ وهذان الشيخان متقدّمان ۳ عليهما ، مع أنّ خلاف معلوم النسب لا يقدح في تحقّق الإجماع عندنا ، على أنّ المؤلّف . نوّر اللّه مرقده . لم يصرّح بطهارة الخمر وإنّما حكم بجواز الصلاة في ثوبٍ أصابه الخمر ، وهذا لايستلزم الحكم بطهارته ، فلعلّه عنده معفوّ عنه في الصلاة ككثير من النجاسات .
وممّا يدلّ على أنّه قائل بنجاسته ما يأتي في هذا الكتاب عن قريب من حكمه بنزح ۴ جميع ماء البئر للخمر ، حيث قال : «وإن وقع فيها بعير أو ثور ، أو صبّ فيها خمر ، نزح الماء كلّه» .
والشيخ في التهذيب ۵ نقل الإجماع على أنّ الرجس في الآية الكريمة . أعني قوله تعالى : « إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَ.مُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَ.نِ »۶ . بمعنى النجس ، فيكون خبرا عن الخمر وحده ، وخبر المتعاطفات الثلاثة محذوفا ، وهذا هو الراجح عند كثير من المفسّرين ۷ ؛ وقد رجّحه البيضاوي حيث قدّمه على الوجه [ الآخر ] ، وهو جعله خبرا عن مبتدأ محذوف تقديره : «تعاطي الخمر والميسر» ۸ .
وستسمع عن قريب في هذا المقام كلاما مبسوطا فانتظره .
1.نقل عنهما في مختلف الشيعة ، ج۱ ، ص۴۶۹ .
2.أصحاب المذاهب الأربعة على نجاسة الخمر . منه رحمه الله .
3.في «ش» : مقدّمان .
4.في «ع» : من نزح . و في «ش» : «ماء جميع» بدل «جميع ماء» .
5.تهذيب الأحكام ، ج۱ ، ص۲۷۸ .
6.سورة المائدة ، الآية ۹۰ .
7.منهم الطبرسي في مجمع البيان ، ج۳ ، ص۴۱۰ .
8.أنوار التنزيل ، ج۲ ، ص۳۶۲ .