والعناد ، وجعلنا من اُسرَة صغرت أنفسهم عندهم، وصلحت سريرتهم لديهم، فلا يعلون ولايستعلون؛ إنّه وليّ ذلك والقادر عليه .
ورأيتُ أن أسمّيها الكفاية في علم الدراية ورتّبتها على مقدماتٍ و أبواب وخاتمة.
[ المقدمات ]
المقدمة الأولى : الدراية علم يُبحث فيه عن متن الحديث وطريقه من حيث هما كذلك ، وموضوعه الرواية والراوي ، فخرج علم الفقه؛ لأنّ البحث إنّما يقع فيه عن المضمون والرجال؛ لأنّ موضوعه الجزئيّات الشخصية والنحو والصرف والميزان؛ لأنّ البحث فيها لاتقع عمّا أشرنا إليه من حيث هو هو ، وغايته تميّز الغثّ من السمين والرخيص من الثمين والصحيح من السقيم ، ولكلٍّ حكم مفرد موكول إلى غير هذا العلم .
المقدمة الثانية : المتن ما اكتنف الصلب، وإليه يرجع متن الأرض ؛ لأنّه كالظَّهر لها ، ولعلّ منه أيضاً تسميته بالمتين القويّ كالحبل المتين ؛ لأنّ ذا الصلب يتقوّى منه ، فمتن الحديث لفظه؛ لتقوّم المعنى به ، أو لتقوّمه به .
المقدمة الثالثة : السند بمعنى المعتمد ؛ يقال : «فلان سند» وسُمّي طريق المتن سنداً لاعتماد الباحث عنه عليه في تصحيحه وتسقيمه وعمله وعلمه ، وحكي عن بعضهم تسمية الإخبار عن طريقه سنداً، وهو وهم ؛ إذ الصحّة والضعف ينسبان إلى الطريق باعتبار الرواة لا باعتبار الإخبار . فلو أخبر الثقة الضابط العدل الإمامي بطريق ضعيف فالسند ضعيف وإن كان الإخبار صحيحاً ، وهذا ممّا لم يختلف فيه اثنان ، والإسناد تبيّن السند ورفع الرواية إلى القائل ، ولعلّ القائل أخطأ في تسمية الإسناد سنداً ، فلو عرّف الإسناد بما عرّف به السند لكان جيّداً.
المقدمة الرابعة: الخبر والحديث والأثر مترادفات،وقد يفرّق بينها فيخصّ الأول بما جاء عن غير النبيّ ، ومِن ثمّ يسمّى المورّخ أخبارياً، كما ذكره الفيروزآبادي في ترجمة