الكفاية في علم الدرايه - صفحه 313

يتنبّه ، ويظنّ أنّه جوابه .
[3 ـ] وقد تكون من جهة عُسر برهانه وعجزِ السائل عن إدراكه وفهمه ، بحيث لو برهن له كان بمنزلة مخاطبة العربي بالزنجي والكردي ، كما يشهد على ذلك ما رواه ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة عند التعرض لبيان أخبار أمير المؤمنين عليه السلام بالملاحم ما لفظه :
ومن ذلك أنّ تميم بن أسامة بن زهير بن دريد التميمي اعترضه وهو يخطب على المنبر ويقول : «سلوني قبل أن تفقدوني! فواللّه لا تسألوني عن فئةٍ تضلّ مئةً أو تهدي مئةً إلاّ نبّأتكم بناعقها وسائقها ، ولو شئتُ لأخبرت كلّ واحدٍ منكم بمَخرجه ومدخله وجميع شأنه! فقال له : فكم في رأسي طاقة شعر؟ فقال له : أما واللّه إنّي لأعلمُ ذلك ، ولكن أين برهانه لو أخبرتك به ، ولقد أُخبرتك بقيامك ومقالك ، وقيل لي : إنّ على كلّ شعرة من شعر رأسك ملكاً يلعنك وشيطاناً يستفزّك! وآية ذلك أنّ في بيتك سخلاً يقتل ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ويحُضّ على قتاله» ، فكان الأمر بموجب ما أخبر به ؛ كان ابنه الحصين بالصاد المهملة ـ يومئذٍ طفلاً صغيراً يرضع اللبن ، ثمّ عاش إلى أن صار في شرطة عبيد اللّه بن زياد ، وأخرجه عبيد اللّه إلى عمر بن سعد يأمره بمناجزة الحسين عليه السلام ، ويتوعّده على لسانه إن أرجأ ذلك، فقتل [ عليه السلام ] صبيحة اليوم الذي ورد فيه الحصين بالرسالة في ليلته . انتهى . ۱
[4 ـ] وقد تكون من جهة عظم الأمر ، وعلوّ المطلب ، وكونه من الأسرار المكتومة التي يجب على الحكيم أن لايظهر عليها أحداً إلاّ مأموناً لا يشيعها ؛ لما في شيوعها من المفاسد العامّة المفضية إلى انتشار البدع والأهواء وانقطاع خريطة النظام الأتمّ . ويشهد على ذلك ما رواه كميل بن زياد النخعي عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل يقول : «إنّ أمير المؤمنين عليه السلام أخذ بيدي فأخرجني إلى الجبّانة» إلى أن قال : قال : «إنّ هاهنا لعلماً جَمّاً لو أصبتُ حملةً! اللّهمّ بلى أصبتُ لَقِناً غير

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۱۰ ، ص ۱۴ و ۱۵ .

صفحه از 400