الكفاية في علم الدرايه - صفحه 315

[7 ـ] وقد تكون من جهة إيراث بيان الواقعيات للشبهات ، ورسوخِ الشكوك في قلوب السألة ، وسكونِها في ألبابهم ، ويشهد على ذلك كلّ ما ورد من رسول اللّه والأئمة القائمين مقامه ـ صلّى اللّه عليه وعليهم ـ من النهي عن الخوض في الكلام ، وأنّه هلك من هلك من الاُمم السالفة من جهته.
[8 ـ] وقد تكون من جهة انبعاث الريبة منه بالنسبة إلى رؤساء الاُمم وزعمائهم ، مِن توهّم تقصير أو كتمانٍ أو عدم سلوك حقٍّ أو تشييع خلاف أو إخفاء مرتبة ونحوها؛ فإنّه يحرم بحكم العقل الصريح بيانه ، لأنّه إلقاء في التهلكة ، وأيّ إلقاءٍ . ويشهد على ذلك ـ فيما وجدت من الروايات ـ ما رواه الشريف الرضيّ في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين ـ عليه وآله الصلوة والسلام ـ حيث يقول في جملة خطبةٍ خطب بها أهل الكوفة ومن اجتمعت فيها من سوادها : «واللّه لو شئتُ أن اُخبر كلّ رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت ، ولكن أخاف أن تكفروا فيّ برسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم . ألا وانّي مفضية إلى الخاصّة ممّن يؤمَن ذلك منه . والذي بعثه بالحقّ واصطفاه على الخلق ما أنطلق إلاّ صادقاً ، ولقد عهد إليّ بذلك كلّه وبمهلك من يهلك ومنجى من ينجو ومآل هذا الأمر ، وما أبقى شيئاً يمرّ على رأسي إلاّ أفرغه في أذني وأفضى به إليّ ۱ . ويحتمل أن يكون معنى قوله : «أن تكفروا فيّ برسول اللّه » أن تكذّبوني فتكونوا مكذّبيه ، أو تكذّبوه بدواً لضعف عقائدكم.
[9 ـ] وقد تكون من جهة عدم استعداد المكلّفين واقتضاء الحكمة للبيان ، على حسب ما اقتضته الأحوال ، كما هو الحال على الأظهر بالنسبة إلى العمومات المخصَّصة الّتي علمنا مخصِّصاتها من جهة الأئمّة عليهم السلام؛ فإنّ القول بأنّ المخاطبين علموها من جهة القرائن الحالية أو المقالية التي لم يضبط أو لم يصل إلينا ، كلام

1.نهج البلاغة ، خطبة ۱۷۴ .

صفحه از 400