الكفاية في علم الدرايه - صفحه 323

وصف الحديث بالمضطرب إنّما يكون إذا اضطرب إن جعلنا الوصف له ، وكذا لو جعلناه للراوي ، كما هو بعيد بحيث يكون توصيفه به باعتبار المتعلّق كزيد منيعٌ ، أو جعلناه صفة له باعتبار الحالة العارضة له ، وهو كون راويه مضطرباً ، ولا شكّ في صدق الاضطراب بمجرّد التعدّد ، وليس يلزم فيه أن تكون الثلاثة معتبرة فيه ، ولا الأربعة ، ولا ما زاد وإن كان لو تحقّقت صدق عليه العنوان ، وزادت فيه بحسب كثرة التعدّد جهات الضعف والنظر ، فما ذكر الشهيد الثاني إنّما هو من باب المثال دون الحصر في جهة الصدق ، كما يفصح عنه ما حكاه شبله ۱ عن بعض كُتُبه الفقهيّة في العبارة المتقدّمة ، مع أنّه ظاهر ،وكيف اشتبه هذا الأمر عليه مع أنّ لفظ المضطرب إنّما نقل بالنقل الراجح دون المرجوح؟! على أن في النقل أيضاً تأمّل.
ثمّ قال : «وأمّا ثانياً : فلأنّ تمثيله لِلاختلاف الواقع على الأوجه الثلاثة الّتي ذكرها في الحديث المرويّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله غير مطابق لما في دراية حديث العامّة ، مع أنّ رواية الحديث المذكور إنّما وقعت في طرقهم ، وهي الأصل في هذا النوع من الاضطراب كغيره من أكثر أنواع الحديث ؛ فإنّها من مستخرجاتهم بعد وقوع معانيها في حديثهم ، فذكروها بصورة ما وقع ، واقتفى جماعة من أصحابنا في ذلك أثرهم ، واستخرجوا من أخبارنا في بعض الأنواع ما يناسب مصطلحهم ، وبقي منها كثير على حكم [محض] الفرض» إلى أن قال : «إنّ البحث عمّا ليس بواقع واتّباعَهم في إثبات الاصطلاح له قليل الجدوى» انتهى ۲ وفيه ما لايخفى ؛ إذ قد عرفت معنى الاضطراب ، وعلمت أنّه واقع في حديثنا في غير مورد ، وأنّه ليس بمجرّد فرض ، وأنّ هذا الكلام نشأ من الاشتباه المتقدّم ، على أنّ الكتاب موضوع لتحرير الفنّ لا لتحرير ما وجد في أخبار الخاصّة ، فليست الدراية دراية حديث الخاصة بل دراية الحديث ، ولذا تعرّض كلّ مصنّف في هذا الباب في مصنَّفه

1.منتقى الجمّان ، ج ۱ ، ص ۱۱ .

2.همان ، ج ۱ ، ص ۹ .

صفحه از 400