الكفاية في علم الدرايه - صفحه 328

واحتجّوا بوجوه ركيكةٍ .
والإنصاف أنّ المرسِل إذا كان ورعاً ثقةً عدلاً غير مسامحٍ فلا مانع منقبول روايته ؛ لأنّ المرسِل في صورة الجازم بخلاف المسنِد فإنّه حاكٍ ، واليقين والطمأنينة مفتقر إليه في صورة الإرسال بخلاف الإسناد ؛ فإنّه لايحتاج إلى شيء منهما ، نعم إذا علم أنّ المرسِل إنّما يحكي عن أصلٍ أو يسامح في الرواية فلا يجوز الاعتداد به في شيء من الأحكام الشرعية ، وكذلك إن شُكَّ فيه ولم يعلم حاله .
تنبيه : الإرسال جليّ وخفيّ ، والأوّل ظاهر ، وأمّا الثاني فإنّما يطّلع عليه مَن اضطلع في الرجال والحديث وعلم تاريخ المواليد والوفيات ومواقيت الطلب والارتحال له . قال بعض الأعلام : «وقد افتضح أقوام ادّعوا الرواية عن شيوخٍ ظهر بالتاريخ كذب دعواهم» انتهى . ۱ ومن ذلك ما ينسب إلى محمد بن أبيبكر أنّه سمع عن أبيه أشياءَ رواه ؛ لأنّ محمداً ولد في حجّة الوداع ، وعاش أبوبكر مستخلفاً سنتين وأشهراً ، ولتضمُّنِ كتاب سليم بن قيس الهلالي ذلك، ومثله طَعَنَ فيه كثيرٌ من علماء الرجال .
الثاني : الموقوف ، وهو قسمان : مطلق ومضاف .
والأوّل: ما روي عن مصاحب المعصوم سواءٌ اتّصل السند إليه أو انقطع .
والثاني : ما أضيفَ إلى غيره ، كقولك : «وقف زيد على عمرو» وهو بأنحائه غير معمولٍ عليه ؛ إذ الأمر راجع إمّا إلى قوله كتفسيره القرآن وفتويهُ بحكم ، أو فعله كقول جابر : «كنّا نتمتّع على [عهد] محمّد رسول اللّه صلى الله عليه و آله» ۲ ، وليس بحجّة شرعيّة ، ومجرّد الإضافة إلى عهده صلى الله عليه و آله ، لايوجب تقريره ؛ لوجوه غير خافية .

1.الدراية ، للشهيد الثاني ، ص ۵۰ .

2.سنن البيهقى ج۷، ص۲۳۷ و مسند احمد ج۳، ص۳۰۴؛ فتح الباري ج۱۱، ص۷۶.

صفحه از 400