الكفاية في علم الدرايه - صفحه 332

التدليس غير قادح في العدالة غير مسلَّم ؛ إذ بعض أنحائه لايخلو من كذب . على أنّ لبعض الأمور السائقة ربما تكشُّف عن سوء السريرة وعدم وجود الملكة الرادعة ، كشفاً قطعيّاً في بعض الأحيان وظنيّاً في آخر ، كما هو غير خفيّ على من له بصيرة في حقّ المترئّسين الذين رقّصتهم الخيالات والتصوّرات الواهية .
ومن اللّه أطلب التوفيق في تحرير رسالة مفردة في العدالة والفسق وكواشفهما على أسلوبٍ جديد ، ومَن اطّلع على شيءٍ ممّا أَثبته أبو حامد الغزالي في كتاب إحياء العلوم تنبّه لما نقول وتفطّن لما نكتم .
السابع : الموضوع ، وهو المختلق المصنوع المكذوب، أكثر الأمور ضرراً للنّاس في دينهم ودنياهم فروعهم وأصولهم ، ولا يوجد في الأخبار الضعاف ما يضاهيه في المضرّة فضلاً عن أن يساويه ، وما تشعّب الناس شعباً ولا اختُرع لهم مذهب إلاّ مبناه [ذلك] ، وقد كثر الاعتماد على الموضوعات في هذه الأزمنة من دون عذر ، ولا دليل سوى حسن المظنّة بجملةٍ من المحدّثين الذين لم يفرّقوا بين الغثّ والسمين ، حتّى أنّي رأيتُ بعض من عاصرته يختلق من عنده ولايبالي ، ويروي عنه غيره .
وما أعرف بليّةً عمّت هذه الأمّة بعد الفتن المظلمة أعظم من هذه ؛ يُكذب ويفترى على أئمّة الحقّ في المنابر ، والمسلمون محدقون سامعون ، فما أشبههم بفرقةٍ نالوا المنابر وأعلنوا بسبّهم كما قيل: «أ على المنابر تُعلِنون بسبّه، وبسيفه قامت لكم أعوادها؟! وقد ابتلانا اللّه تعالى في تلك البليدة الظالم أهلها بالمقالات في وقعة الطفّ من دون حجّة ولا بيّنة ، فيحسبون أنّهم يحسنون صنعاً ، ولَعمري إن هم إلاّ كمن يبحث من حتفه بطعنه ، وسوف يعلمون «من أصحاب الصراط السويّ ومن اهتدى» .
وعلى أيّ حال أجمعت العلماء كافّة من أهل القبلة ـ سوى شذاذ ممّن لا يُعبأ

صفحه از 400