الكفاية في علم الدرايه - صفحه 335

الملحدة في دين اللّه المسمّاة بالبابيّة ، فقام في كلّ صقع من الأصقاع ناعق ينعق بالباطل فاجتمعت إليه الأقزام ۱ من كلّ أوب ، على صفة من أصحاب صفّين ، كما قال سيّدنا أمير المؤمنين عليه السلام : «جُفاة طَغام عبيد أقزام ، جمعوا مِن كلّ أوب ، وتلقّطوا مِن كلّ شوب» ۲ فنصر اللّه المسلمين وأبارهم، وجعلهم منذرين في أطراف الأرض كأيادي سبإٍ ، قد صرعوا في كلّ غائطٍ ، وقُتلوا تحت كلّ كوكب ؛ لعنهم اللّه وعذّبهم!
وكيف كان فاعلم أنّ المعرفة بالوضع تحصل بأمور :
أحدها : تصريح الواضع واعترافه ، وإقرارها نافذ وإن احتمل الاختلاق فيه ، كما في الإقرار بالقتل والزنا والسرقة وغيرها ، كما روي أنّ الزنديق ابن أبي العوجاء لمّا أمر محمد بن سليمان العبّاسى بقتله قال : «أما إنّكم تقتلوني ، فإنّي صوّمتكم يوم فطرتكم ، وأفطرتكم في يوم صومكم ، دسّست في كتبكم أربعة آلاف حديث» ۳ . وقد روي عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم المروزي أنّه قيل له : من أين لك عن عكرمة عن ابن عبّاس في فضائل القرآن سورة سورة، وليس عند عكرمة ذلك؟! فقال : إنّي رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمّد بن إسحاق ، فوضعت هذا الحديث حسبة . ۴
وكان على ما روي يلقّب أبو عصمة بالجامع ، فذُكر عند أبي حاتم ابن حيّان

1.الأقزام، جمع قَزَم: أراذل الناس؛ الأوب: الناحية.

2.نهج البلاغة ، الخطبة ۲۳۸ .

3.ابن أبي العوجاء وهو خال معن بن زائدة الشيباني الأمير المعروف ، كان في البصرة من المشهورين بالزندقة والتهاون بأمر الدين . ورد ذكر مناظراته في الدين في كثير من الكتب: التاريخ والحديث ، واسمه عبد الكريم بن أبي العوجاء . راجع ميزان الاعتدال ، ج ۲ ، ص ۶۴۲ ؛ الرعاية للشهيد الثاني ، ص ۱۵۹ ؛ لسان الميزان ، ج ۳ ، ص ۱۷۳ و ج ۴ ، ص ۵۲ ؛ الكنى ، ص ۱۹۲ .

4.الدراية للشهيد الثاني ، ص ۵۷؛ علوم الحديث لابن الصلاح ص ۹۱؛ وتفسير القرطبى ، ج ۱ ، ص ۷۹.

صفحه از 400