الكفاية في علم الدرايه - صفحه 342

الباب الثاني : في تحمّل الحديث ، والطرقِ إلى نقله وفيه مطالب :

] المطلب]الأوّل : في أهلية التحمّل :

وتتحقّق بالتميّز ، والمراد به هنا ليس المتداول في ألسنة الفقهاء ، بل التميّز بين الألفاظ والمعاني والسماع والقراءة وما يجري مجريها ، وتتفاوت بتفاوت مراتب التحمّل ، فلايعتبر البلوغ ، وخلاف المخالف خطأٌ ظاهر ؛ لأنّ الناس اتّفقوا على رواية ابني عبّاس وزبير ونعمان بن بشير وسائب بن يزيد وأمثالهم ، وكذا من لايعتقد من العامّة بإمامة الحسنين عليهماالسلاماتّفقوا على قبول روايتهما عن النبيّ ، مع أنّ المجتبى عليه السلام كان يوم موت النبي صلى الله عليه و آله ابن ثمان ، وسيّد الشهداء عليه السلام ابن سبع ، وليسوا يفرّقون بين ما تحمّل هؤلاء قبل أوان بلوغهم وبين ما بعده ، ولم تزل الأمّة سالكة هذه السيرة ، فكيف يعتدّ بخلاف المشترِط؟
ومن العجب ما يحكى عن بعض العامّة من التحديد بالعشر ، وعن آخر بالخمس ، وعن ثالثٍ بالأربع ، وهذه الأقوال منحرفة عن السداد لمزيد الاختلاف في مراتب الفهم والشعور ؛ فإنّ في تراجم بعض السلف أقاصيص تنبئ عمّا ذكرناه ، فقد روى الشيخ الشهيد الثاني ۱ عن الشيخ تقي الدين بن داوود أنّ السيّد غياث الدين ابن طاووس اشتغل بالكتابة ، واستغنى عن المعلّم وعمرُه أربع سنين ، وعن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : رأيت صبيّاً ابن أربع سنين قد حُمل إلى المأمون ، قد قَرأ القرآن ونظر في الرأي ، غير أنّه إذا جاء بكى .
وروي عن أبي محمد عبد اللّه بن محمد الإصفهاني أنّه قال:

1.الدراية للشهيد الثاني ، ص ۸۳ .

صفحه از 400