الكفاية في علم الدرايه - صفحه 347

الثاني : القراءة على الشيخ

والمحكيّ عن أكثر قدماء المحدّثين تسميتها بالعرض؛ لمكان عرض القارئ على شيخه ، سواء في ذلك القراءة من حفظ الراوي أو من كتابٍ أو أصلٍ حفظه الشيخ ، أو أصغى والأصل بيده أو يد مَن يثق هو به ، فلو كان الأصل بيد غير الثقة لم يعتّد به؛ لمجال احتمال الغلط والتصحيف في مقروِّ القاري ، والمراد بالثقة من يوثق به مع خبرته .
فلو قيل : «إنّ الاحتمال قائم إذا كان الأصل بيد الثقة» ، قيل له: مع الوثاقة والخبرة لا يعتدّ بذلك ؛ لأنّ أصالةَ عدم الخطإ فيما يتعلّق بالحسّيات من الأصول المجمع عليها ، واحتمالُ عدم التعرّض مع الاطّلاع مدفوع بالوثاقة ، كما أنّ احتمال تعمّد الكذب في العادل مدفوع بالعدالة . وكيف كان طريقية القراءة صحيحة بالاتفاق كما ادّعاه الشهيدان ۱ .
ثمّ إنّ لكلٍّ من الطريقين عبائر مرتّبة يختصّهما وتشترك بينهما وما عداهما، والعبائر المستعملة في الطريق الأوّل «سمعتُ» و«سمعنا» والصيغتان من التحديث والإخبار والإنباء والتنبيء وقال لي ولنا، والفرق بين المتكلّمين ظاهر ، وقد يُعبّر بالصيغة الثانية إظهاراً للعلوّ ومراعاةً للشأن ، ومع الشكّ تحمل على مبناها الأصلي ، وأعلى الألفاظ في التأدية اللفظتان الأوليان لمكان صراحتهما في معناهما ، فالمدار في العلوّ على النصوصية والأظهرية ، والظاهر أنّ الألفاظ التي رتّبناها مرتّبة في العلوّ أيضاً.
وإن قيل : إنّ الصيغتين من التحديث أعلى من السماع؛ لتضمّنها المخاطبة دونه ؛ لأنّه أعمّ من هذه وغيرها ، وذلك لأنّ ما أشير إليه وإن كان مرتبة كاملة ، غير

1.الدراية ، ص ۸۸ .

صفحه از 400