الكفاية في علم الدرايه - صفحه 348

أنّ احتمال الإجازة والتدليس بإرادة أهل البلد والمسلمين قائمة في الصيغتين دونه . وأمّا الصيغتان من التنبيء والإنباء ، فهما غالبتا الاستعمال في الإجازة والمكاتبة ، فتكونان متأخّرتين عن سابقهما . ويمكن ترجيح القول على سابقه لظهورٍ فيه في المحادثة والمذاكرة والمناظرة . ولو قال: «قال» ولم يُضف إلى نفسه ولا إلى غيره معه فقيل: «تُحمل على السماع» ، و قيل به إن أمكن اللقاء ، وقيل به في من عرف من سيرته أنّه لايقول: «قال» إلاّ فيما سمعه ، والأشبه عدم الحمل أصلاً إلاّ إذا قامت القرائن عليه، كنقل التلامذة عن المشيخة .
والعبائر المستعملة في القراءة : «قرأتُ على فلانٍ» و «قُرئ عليه بمحضرٍ منّي» أو «أنا أسمع» أو «قرئ عنده فَأقرّه» ، والغرض من تقريره ليس سكوته وإمساكه عن النكير بقولٍ أو فعلٍ ، بل التلفّظ بما يقتضيه أو الفعل كذلك، والصيغتان من التحديث والإخبار المقيّدتان بالقراءة عليه ، ومنهم من جوّز الإطلاق وهو مُوهِم للطريق السابق، فما ذكرناه أولى ، وآخر فَصَّلَ فجوّز الإطلاق في الإخبار دون التحديث؛ نظراً إلى ظهوره في النطق والمشافهة ، ولأنّ المحدّثين فرّقوا بينهما وإن تساويا لغة، وهو الأشهر كما قيل .
ويجري مجرى هذه العبائر ما لو قال الراوي للمرويّ عنه: «أخبرك فلان» فأصغاه وفهمه ولم ينكره ولم يتكلّم بما يقتضي بالإقرار به ، عند الأكثر ، فصحّحوا التحديث عنه بذلك ، واستدلّوا عليه بأنّ تلك قرائن متظافرة على أنّه مقرّ به ، وبأنّ العدالة المفروضة فيه تمنع من السكوت لو لم يكن الأمر على ذلك ، وفيهما نظر؛ لمنع الكليّة في الدليل الأوّل ؛ إذ كثيراً ما يكون السكوت وترك النكير موافقاً لوجه من وجوه المصالح، وأخصّية الثاني عن المدّعى ، فقول الأكثر ضعيف ، ولذا اشترط بعضهم نطقه ليتحقّق العنوان في المقالة السائرة[و] ۱ الساكت لا ينسب إليه

1.الإضافة منا للضرورة .

صفحه از 400