الكفاية في علم الدرايه - صفحه 349

مذهب ، فالعبارة المؤدّية في مثل هذا المقام : «قرأت عليه وهو يسمع فلم ينكر» أو «قلت له : أخبرك فلان ، فلم ينكر» فلو قال : «حدّثني» لكان كاذباً ؛ وقيل : «يجوز» ، والأوّل أظهر .

فائدتان :

الأوّل : ذكرنا قبلُ أنّ صيغتي المتكلّم لايساوى بينهما ، إلاّ في مقام التعظيم والاستعلاء ، فما سمعه عن الشيخ وحده يعبّر عنه بحدّثني وأخبرني ، وما سمعه مع غيره بحدّثنا وأخبرنا ، وما شَكّ فيه قيل: يعبّر بحدّثني وأخبرني ؛ اقتصاراً على المتيقّن ، لمكان الأصل ، وقيل: يعبّر بحدّثنا وأخبرنا ؛ لأنّ العبارة الأولى أكمل مرتبة من الثانية ، لدلالته على كونه مقصوداً بالإفهام، والفرض الشك في ذلك فالعدول عنه أولى ، فالاقتصار على الناقص أولى ، والأظهر في النظر أن يعبّر بصيغة الوحدة ؛ إذ الأمر لاتخلو من أنّه حدّث به وحده أو مع الغير ، وعلى الاحتمالين فهو مقصود بالإفهام استقلالاً أو ضمناً ، فالتعبير به أولى من غيره ، ولأنّ الأصل مثبت فلا يعتدّ به ، ولأنّه أبعد من التدليس بإرادة تحديث أهل البلد كما هو ظاهر . ولمّا كانت مراتب هاتين الصيغتين متفاوتة مَنَعَ العلماءُ من تبديل إحديهما بالأخرى في ما وقع في مصنّفات المحدّثين؛ للاحتمال القويّ بأنّ المصنّفين لايَرون التسوية بينهما ولم يعبّروا استعلاءً ، ولو علم التسوية عند مصنّفٍ جاز في النقل التعبير عن إحدايهما بالأخرى ، وعن الشهيد ابتناءُ ذلك على الخلاف في مسألة جواز نقل الحديث بالمعنى ، وهو ابتناءٌ عجيب ! والخلاف أجنبيٌّ عن هذا .
الثانية : لايجوز النقل مع منع مانعٍ عن السماع كلاًّ أو جلاًّ؛ إلاّ ما يعفى عنه من اليسير الذي يُتسامح فيه ، ولكنّ الأذهان والأفهام والانتقالات مختلفة ، فقد يَمنع أدنى التوجّه إلى أمرٍ يغاير السماع كثيراً من المستمعين ، ولا يمنع كثيرُه غيره؛ لسرعة الانتقال، وألفِ الذهن ، وقدرةِ النفس على إحرازها أموراً متشتّتة . وقد كنت عند قراءتي على السيّد الأوحد الأستاد ـ دام علاه ـ أسأل واُسأل واُجيب

صفحه از 400