الكفاية في علم الدرايه - صفحه 351

وروي أنّ المعتصم العبّاسي خليفة بغداد وجّه إلى مجلس عاصم بن عليّ بن عاصم في رحبة النخل في جامع الرّصافة مَن يحرز عدد الجلساء، فحرز المجلس عشرين ألفاً، وفي نسخةٍ مئة ألف وعشرين ألفاً ، وكان يجلس عاصم في بعض مسقفات المسجد ويبثّ ۱ الناس في الرحبة وما يليها ، فتكثّر الناس، حتّى سمع يوماً يستعاد اسم رجل في الأسناد أربع عشر مرّة ، ۲
وقد شاهدتُ مجلس شيخنا المحقّق ـ طاب ثراه ـ وقد ينيف على سبعمئة في جامع الهندي بالغريّ ، ويقرب منه بل يُضاهيه مجلس السيد السند العماد الأستاد ـ أدام اللّه أيّامه ـ.
ولا يشترط رؤية المحدّث ، فلو عرف من جهة القرائن صحّ التحديث عنه ، وهذا أمرٌ مقطوع به ؛ فإنّ العميان كانوا يروون عن أهل الحديث من دون نكير ، وروى جماعة من الصحابة والتابعين عن نساء النبيّ مع أنّهن ما كُنّ لتتكلّمن
إلاّ مِن وراء الحجاب ، وقد وسوس بعض محدّثي العامّة فلم يجوّز حتّى قال : «إنّك إذا لم تَرَ وَجْه المحدِّث فلا تروِ عنه ؛ فلعلّه شيطان صوّر بصورته، يقول : حدّثنا وأخبرنا». وهذا كما ترى ؛ فإنّ ذلك الاحتمال قائمٌ مع الرؤية ، والعجب
من هؤلاء يحركون تلك الأباطيل، ويموّهون على الناس ، ويعتمدون مع ذلك على رواية مثل أبي هريرة ومغيرة بن شعبة الزاني و أبي سفيان وابنه معاوية وعمرو بن العاص الزهري ويحيى بن أكثم اللاطي ، ومقاتلُ بن سليمان ، حتى
قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: مقاتل بن سليمان كان دجّالاً جسوراً ، ولو اُحيط برجالهم لعلم ما هم عليه ، ولكن غشي على أبصارهم وأخذ ببصائرهم؛ رماهم اللّه بعاصف .

1.في «م»: ينتشر.

2.الدراية ، ص ۹۲ ، وفيه بقيةٌ هذا لفظه : والناس لايسمعون ، فلما بلغ المعتصم كثرة الجمع أمر من يحرزهم فحرزوا المجلس عشرين ومئة ألف ، ثمّ خمدت نار العلم و بار و ولّت عساكره . فكأنّه برق تألّق بالحمى ثمّ انطوى فكأنّه لم يلمع

صفحه از 400