الكفاية في علم الدرايه - صفحه 357

روايته» ففعل من غير نظرٍ واطّلاع بطلت الإجازة ، إن لم يكن الطالب موثوقاً به من جهة المعرفة ، أو لم تشهد القرائن بصدقه . ويُضاهيه ما لو قال الشيخ : «حدِّث عنّي بما فيه إن كان حديثي ، مع براءتي من الأغلاط»؛ قيل: «للشكّ عند الإجازة، وتعليقِها على الشرط » ، والأصحّ الجواز ؛ لفقد المانع وعدمِ صلوح ما مرّ سنداً للمنع .
وأمّا المناولة المجرّدة وهي المختلفة : والمعنيّ بها مناولة الكتاب من دون إجازة ، مع بيان أنّ ما تضمّنه سماعه أو روايته . قيل : لايجوز للطالب روايته عنه؛ وقيل: يجوز . حجّة الأوّل عدم تحديثه به: لا إجمالاً ولا تفصيلاً ؛ حجّة الثاني حصول العلم بكونه مرويّاً له مع الإشعار بالإذن، وأنّ ابن عبّاس قال : إنّ النبي صلى الله عليه و آلهبعث بكتابه إلى كسرى مع عبد اللّه بن حذافة ، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين ويدفعَه عظيم البحرين إلى كسرى. ۱ ومن طرق الأصحاب ما رواه الكليني ـ رحمه اللّه ـ في الكافي مسنداً عن أحمد بن عمر الخلال ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول : «اروه عنّي» يجوز لي أن أرويه عنه؟ قال : فقال : إذا علمت أنّ الكتاب له فاروه عنه ۲
.
وأظهر القولين عندي الجواز ؛ لا لما ذُكر ، بل لأنّ قوله : «هذا سماعي» في قوّة إسماع الأحاديث المندرجة ، فهذا الإجمال في قوّة التفصيل ، فكأنّه أخبره بجميعه مفصَّلاً . والحديث الخاصّي غير دالٍّ على المطلب ؛ إذ المقصود صحّة قول الراوي : «حدّثني فلان» ولا يجوز قطعاً بمجرّد المناولة ، والرواية المجوّزة والمسؤول عنها أعمّ ممّا ذكر ؛ على أنّ جهة السؤال غير ما نحن بصدده . وأمّا الرواية العامية عن ابن عبّاس فأجنبيّ بالمرَّة ، وأمّا حصول العلم بروايته فلا ربط له ، وأمّا الإشعار فلو شهدَت الشواهد فلا بأس بالبناء عليه، وإلاّ فلا ، والعجب من جملة ممّن تعرّض للمقال حُسبانَ ما اُشير إليه دليلاً ، وهذا حاله كما عرفت.

1.الدراية ، ص ۱۰۲ و ۱۰۳؛ الرعاية، ص ۲۸۳؛ الباعث الحثيث، ص ۱۲۴.

2.الدراية ، ص ۱۰۳ ؛ الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۴۱ .

صفحه از 400